وفي الحديث ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم أنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل رواه مسلم وقال عليه السلام : يذهب الصالحون الأول فالأول ويبقى حفالة كحفالة الشعير أو التمر لا يبالي بهم الله وأول التغير كان في الأمراء ثم في العلماء ثم في الفقراء ففي كل طائفة أهل هدى وأهل هوى فكن من أهل الهدى أو المتشبهين بهم فإن من تشبه بقوم فهو منهم ومن كثر سواد قوم فهو منهم وفي الحديث من أحب قوماً على عملهم حشر في زمرتهم وحوسب بحاسبهم وإن لم يعمل بعملهم ﴿وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ هذا هو الحكم الثالث يقال جنحت السفينة أي مالت إلى أحد جانبيها وسمي الإثم المائل بالإنسان عن الحق جناحاً ثم سمي كل إثم جناحاً ﴿أَن تَنكِحُوهُنَّ﴾ أي تنكحوا المهاجرات وتتزوجوهن وإن كان لهن أزواج كفار في دار الحرب فإن إسلامهن حال بينهن وبين أزواجهن الكفار ﴿إِذَآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ إذا ظرفية محضة أو شرطية جوابها محذوف دل عليه ما تقدمها شرط إيتاء المهر في نكاحهن إيذاناً بأن ما أعطى أزواجهن لا يقوم مقام المهر لأن ظاهر النظم يقتضي إيتاءين إيتاء إلى الأزواج وإيتاء إليهن على سبيل المهر وفي التيسير التزمتم مهورهن ولم يرد حقيقة الأداء كما في قوله تعالى حتى يعطوا الجزية عن يد أي يلتزموها استدل بالآية أبو حنيفة رحمه الله على أن أحد الزوجين إذا خرج من دار الحرب مسلماً أو بذمة وبقي الآخر حربياً وقعت الفرقة ولا يرى العدة على المهاجرة ولا على الذمية المطلقة ولا على المتوفى عنها زوجها ويبيح نكاحها إلا أن تكون حاملاً لأنه تعالى نفي الجناح من كل وجه في نكاحهن بعد إيتاء المهور ولم يقيد بمضي العدة وقالا عليها العدة وفي الهداية قول أبي حنيفة فيما إذا كان معتقدهم أنه لا عدة وأما إذا كانت حاملاً فقد قال عليه السلام : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقين ماءه زرع غيره
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٤٧٢
﴿وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ هذا هو الحكم الرابع والإمساك نك درزدن.
وبعدي بالباء والعصم جمع عصمة وهي ما يعتصم به من عقد وسبب والكوافر جمع كافرة والكوافر طائفتان من النساء طائفة قعدت عن الهجرة وثبتت على الكفر في دار الحرب وطائفة ارتدت عن الهجرة ولحقت بأزواجها الكفار والمعنى لا يكن بينكم وبين المشركات عصمة ولا علقة زوجية وقال
٤٨٤