ـ حكي ـ أن أخوين في الجاهلية خرجا مسافرين فنزلا في ظل شجرة تحت صفاة فلما دنا الرواح خرجت لهما من تحت الصفاة حية تحمل ديناراً فألقته إليهما فقالا : إن هذا لمن كنز فأقاما عليه ثلاثة أيام كل يوم تخرج لهما ديناراً فقال أحدهما للآخر : إلى متى ننتظر هذه الحية ألا نقتلها ونحفر عن هذا الكنز فأخذه ونهاه أخوه وقال : ما ندري لعلك تعطب ولا تدرك المال فأبى عليه فأخذ فأساً معه ورصد الحية حتى خرجت فضربها ضربة جرت رأسها ولم تقتلها فبادرت الحية فقتلته ورجعت إلى حجرها فدفنه أخوه وأقام حتى إذا كان الغد خرجت الحية معصوباً رأسها ليس عليها شيء فقال : يا هذه إني والله ما رضيت بما أصابك ولقد نهيت أخي عن ذلك فهل لك أن نجعل الله بيننا لا تضرين بي ولا أضر بك وترجعين إلى ما كنت عليه؟ فقالت الحية : لا فقال : ولم؟ قالت : لأني لأني أعلم أن نفسك لا تطيب لي أبداً وأنت ترى قبر أخيك ونفسي لا تطيب لك وأنا أذكر هذه الشجة فظهر من هذه الحكاية سر المكافأة وشرف التقوى فإنه لو اتقى الله ولم يضع الشر موضع الخير بل شكر صنيع الحية لازداد مالاً وعمراً :
كرم كن نه رخاش وجنك آورى
كه عالم بزير نكين آورى
وكارى برآيد بلطف وخوشى
ه حاجت بتندى وكردن كشى
نمى ترسى أي كرك ناقص خرد
كه روزى لنكيت برهم درد
يا اأَيُّهَا النَّبِىُّ} نداء تشريف وتعظيم ﴿إِذَا جَآءَكَ الْمُؤْمِنَـاتُ﴾ ون بيايند بتوزنان مؤمنه ﴿يُبَايِعْنَكَ﴾ أي مبايعات لك أي قاصدات للمبايعة فهي حال مقدرة نزلت يوم الفتح فإنه عليه السلام لما فرغ من بيعة الرجال شرع في بيعة النساء سميت البيعة لأن المبايع يبيع نفسه بالجنة فالمبايعة مفاعلة من البيع ومن عادة الناس حين المبايعة أن يضع أحد المتبايعين يده على يد الآخر لتكون معاملتهم محكمة مثبتة فسميت المعاهدة بين المعادين مبايعة تشبيهاً لها
٤٨٧
بها في الأحكام والأبرار فمبايعة الأمة رسولهم التزام طاعته وبذل الوسع في امتثال أوامره وأحكامه والمعاونة له وبمايعته إياهم الوعد بالثواب وتدبير أمورهم والقيام بمصالحهم في الغلبة على أعدائهم الظاهرة والباطنة والشفاعة لهم يوم الحساب إن كانوا ثابتين على تلك المعاهدة قائمين بما هو مقتضى المواعدة كما يقال بايع الرجل السلطان إذا أوجب على نفسه إلا طاعة له وبايع السلطان الرعية إذا قبل القيام بمصالحهم وأوجب على نفسه حفظ نفوسهم وأموالهم من أيدي الظالمين ﴿عَلَى أَن لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا﴾ أي شيئاً من الأشياء أو شيئاً من الاشتراك والظاهر أن المراد الشرك الأكبر ويجوز التعميم له وللشرك الأصغر الذي هو الرياء فالمعنى على أن لا يتخذن إليهاً غير الله ولا يعملن إلا خالصاً لوجهه :
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٤٧٢
مرايى هركس معبود سازد
مرايى را زان كفتند مشرك
قال الحافظ :
كوييا باورنمى دارند روز داورى
كين همه قلب ودغل دركار داور ميكنند
﴿وَلا يَسْرِقْنَ﴾ السرقة أخذ ما ليس له أخذه في خفاء وصار ذلك في الشرك لتناول الشيء من موضع مخصوص وقدر مخصوص أي لا يأخذن مال أحد بغير حق ويكفي في قبح السرقة أن النبي عليه السلام لعن السارق ﴿وَلا يَزْنِينَ﴾ الزنى وطىء المرأة من غير عقد شرعي يقصر وإذا مد يصح أن يكون مصدر المفاعلة قال مظهر الدين الزنى في اللغة عبارة عن المجامعة في الفرج على وجه الحرام ويدخل فيه اللواطة وإتيان البهائم تم كلامه قال عليه السلام : يقتل الفاعل والمفعول به وثبت أن علياً رضي الله عنه أحرقهما وأن أبا بكر رضي الله عنه هدم عليهما حائطاً وذلك بحسب ما رأيا من المصلحة وقال عليه السلام : ملعون من أتى امرأته من دبرها وأما الإتيان من دبرها في قبلها فمباح قال في اللباب اتفق المسلمون على حرمة الجماع في زمن الحيض واختلفوا في وجوب الكفارة على من جامع فيه فذهب أكثرهم إلى أنه لا كفارة عليه فيستغفر وذهب قوم إلى وجوب الكفارة عليه تم كلامه وقال عليه السلام : من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه قيل لابن عباس رضي الله عنهما : ما شأن البهيمة؟ قال : ما سمعت فيها من رسول الله شيئاً ولكن أكره أن يحل لحمها وينتفع بها كذلك ﴿وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلَـادَهُنَّ﴾ أريد به وأد البنات أي دفنهن أحياء خوف العار والفقر كما في الجاهلية قال عليه السلام : لا تنزع الرحمة إلا من شقى.
قال الحافظ :
هي رحمى نه برادربه برادر دارد
هي شوقى نه در رابه سرمى بينم
دخترانرا همه جنكست وجدل بامادر
سر انراهمه بدخواه درمى بينم
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٤٧٢


الصفحة التالية
Icon