وفي التأويلات النجمية يا أيها المؤمنون المقلدون لم تذمون الدنيا بلسان الظاهر وتمدحونها بلسان الباطن شهادة ارتكابكم أنواع الشهوات الحيوانية وأصناف اللذات الجسمانية أو تمدحون الجهاد بلسانكم وتذمونه بقلوبكم وذلك يدل على إعراضكم عن الحق وإقبالكم على النفس والدنيا وهذا كبر مقتاً عند الله تعالى كما قال :﴿كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ﴾ كبر من باب نعم وبئس فيه ضمير مبهم مفسر بالنكرة بعده وأن تقولوا هو المخصوص بالذم والمقت البغض الشديد لمن يراه متعاطياً لقبيح يقال مقته فهو مقيت وممقوت وكان يسمى تزوج امرأة الأب نكاح المقت
٤٩٣
وعند الله ظرف للفعل بمعنى في علمه وحكمته والكلام بيان لغاية قبح ما فعلوه أي عظم بغضاً في حكمته تعالى هذا القول المجرد فهو أشد ممقوتية ومبغوضية فمن مقته الله فله النار ومن أحبه الله فله الجنة.
قال الكاشفي : ونزد بعضي علماً آيت عامست يعني هركه سخنى كويد ونكند درين عتاب داخلست ويا آن علما نيزكه خلق رابعمل خير فرمايند وخود ترك نمايند اين سياست خواهد بود :
لا تنه عن خلق وتأتي مثله
عار عليك إذا فعلت عظيم
وأوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام يا ابن مريم عظ نفسك فإن اتعظت فعظ الناس وإلا فاستحي مني وحضرت يغمبر عليه السلام درشب معراج ديدكه لبهاى نين كسان بمقراض آتشبن مى بريدند.
ازمن بكوى عالم تفسير كوى را
كردر عمل نكوشى نادان مفسر
بار درخت علم ندانم بجز عمل
باعلم اكر عمل نكنى شاخ بى برى
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٤٩٣
قيل لبعض السلف حدثنا فسكت ثم قيل له حدثنا فقال لهم : أتأمرونني أن أقول ما لا أفعل فأستعجل مقت الله قال القرطبي رحمه الله ثلاث آيات منعتني أن أقص على الناس أتأمرون النسا بالبر وتنسون أنفسكم وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون وقد ورد الوعيد في حق من يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أيضاً أي كما ورد في حق من يترك العمل فالخوف إذا كان على كل منهما في درجة متناهية فكيف على من يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف وأكثر الناس في هذا الزمان هكذا والعياذ بالله تعالى قال في اللباب أن الآية توجب على كل من ألزم نفسه عملاً فيه طاعة الله أن يفي به فإن من التزم شيئاً لزم شرعاف إذا الملتزم أما نذر تقرب مبتدأ كقولهعلى صلاة أو صوم أو صدقة ونحوه من القرب فيلزمه الوفاء إجماعاً أو نذر مباح وهو ما علق بشرط رغبة كقوله إن قدم غائبي فعلى صدقة أو بشرط رهبة كقوله إن كفاني الله شر كذا فعلى صدقة ففيه خلاف فقال مالك وأبو حنيفة يلزمه الوفاء به وقال الشافعي في قول لا يلزم وعموم الآية حجة لنا لا بها بمطلقها تتناول ذم من قال ما لا يفعله على أي وجه كان من مطلق أي مقيد بشرط ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَـاتِلُونَ﴾ أعداء الله ﴿فِى سَبِيلِهِ﴾ في طريق مرضاته وأعلاه دينه أي يرضى عنهم ويثنى عليهم ﴿صَفًّا﴾ صف زده در برابر خصم.
وهو بيان لما هو مرضى عنده تعالى بعد بيان ما هو ممقوت عنده وهذا صريح في أن ما قالوه عبارة عن الوعد بالقتال وصفا مصدر وقع موقع الفاعل أو المفعول ونصبه على الحالية من فاعل يقاتلون أي صافين أنفسهم أو مصفوفين والصف أن يجعل الشيء على خط مستو كالناس والأشجار ﴿كَأَنَّهُم بُنْيَـانٌ مَّرْصُوصٌ﴾ حال من المستكن في الحال الأولى والبنيان الحائط وفي القاموس البناء ضد الهدم بناه بنيا وبناء وبنياناً وبنية وبناية والبناء المبني والبنيان واحد لا جمع دل عليه تذكير مرصوص وقال بعضهم :
٤٩٤
بنيان جمع بنيانة على حد نخل ونخلة وهذا النحو من الجمع يصح تأنيثه وتذكيره والرص اتصال بعض البناء بالبعض واستحكامه كما قال في تاج المصادر الرص استوار برآوردن بنا.
قال ابن عباس رضي الله عنهما يوضع الحجر على الحجر ثم يرص بأحجار صغار ثم يوضع اللبن عليه فيسميه أهل مكة المرصوص والمعنى حال كونهم مشبهين في تراصهم من غير فرجة وخلل ببنيان رص بعضه إلى بعض ورصف حتى صار شيئاً واحداً وقال الراغب بنيان مرصوص أي محكم كأنما بني بالرصاص يعني كوييا ايشان در اسحكام بنا اندريخته ازارزير كنايتست از ثبات قدم ايشان در معركه حرب وبيكديكر باز سبيدن.
وهو قول الفراء وتراصوا في الصلاة أي تضايقوا فيها كما قال عليه السلام تراصوا بينكم في الصلاة لا يتخللكم الشيطان فالرحمة في مثل هذا المقام رحمة فلا بد من سد الخلل أو المحاذاة بالمناكب كالبنيان المرصوص ولا ينافيه قول سفيان ينبغي أن يكون بين الرجلين في الصف قدر ثلثي ذراع فذاك في غيره كما في المقاصد الحسنة وعن بعضهم فيه ذليل على فضل القتال راجلاً لأن الفرسان لا يصطفون على هذه الصفة كما في الكشاف.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٤٩٣


الصفحة التالية
Icon