على المناسبة التي بين أفعال الني عليه السلام وأخلاقه وبين معاني إسميه محمد وأحمد انتهى كلام الشيخ أشار رضي الله عنه إلى ما قدمناه من كلام السهيلي وقال بعض العافين سمي عليه السلام بأحمد لكون حمده أتم واشتمل من حمد سائر الأنبياء والرسل إذ محامدهمإنما هي بمقتضى توحيد الصفات والأفعال وحمده عليه السلام إنما هو بحسب توحيد الذات المستوعب لتوحيد الصفات والأفعال انتهى.
قال في فتح الرحمن لم يسم بأحمد أحد غيره ولا دعي به مدعو قبله وكذلك محمد أيضاً لم يسم به أحد من العرب ولا غيرهم إلى أن شاع قبيل وجود عليه السلام وميلاده أي من الكهان والأحبار أن نبياً يبعث اسمه محمد فسمي قوم قليل من العرب أبناءهم بذلك رجاء أن يكون أحدهم هو وهم محمد بن أحيحة بن الجلاح الأوسي ومحمد بن مسلمة الأنصاري محمد بن البراء البكري ومحمد بن سفيان بن مجاشع ومحمد بن حمدان الجعفي ومحمد بن خزاعة السلمي فهم ستة لا سابع لهم ثم حمى الله كل من تسمى به أن يدعي النبوة أو يدعيها أحد له أو يظهر عليه سبب يشكك أحداً في أمره حتى تحققت السمتان له عليه السلام ولم ينازع فيهما انتهى.
واختلف في عدد أسماء النبي عليه السلام فقيل له عليه السلام ألف اسم كما أن تعالى ألف اسم وذلك فإنه علمه السلام مظهر تام له تعالى فكما أن أسماءه تعالى أسماء له عليه السلام من جهة الجمع فله عليه السلام أسماء أخر من جهة الفرق على ما تقتضيه الحكمة في هذا الموطن فمن أسمائه محمد أي كثير الحمد لأن أهل السماء والأرض حمدوه في الدنيا والآخرة ومنها أحمد أي أعظم حمداً من غيره لأنه حمد الله تعالى بمحامد لم يحمد بها غيره ومنها المقفى بتشديد الفاء وكسره لأنه أتى عقيب الأنبياء وفي قفاهم وفي التكملة هو الذي قفى على أثر الأنبياء أي اتبع آثارهم ومنها نبيالتوبة لأنه كثير الاستغفار والرجوع إلى الله أو لأن التوبة في أمته صارت أسهل ألا ترى أن توبة عبدة العجل كانت بقتل النفس أو لأنه توبة أمته كانت أبلغ من غيرهم حتى يكون التائب منهم كمن لا ذنب له لا يؤاخذ به في الدنيا ولا في الآخرة وغيرهم يؤاخذ في الدنيا لا في الآخرة ومنها نبي الرحمة لأنه كان سبب الرحمة وهو الوجود لقوله تعالى : لولاك لما خلقت الأفلاك وفي كتاب البرهان للكرماني لولاك يا محمد لما خلقت الكائنات خاطب الله النبي عليه السلام بهذا القول انتهى قيل الأولى أن يحترز عن القول بأنه لولا الأنبياء عليهم السلام لان لما خلق الله آدم وإن كان هذا شيئاً يذكره الوعاظ على رؤوس المنابر يون به تعظيم محمد عليه السلام لأن النبي عليه السلام وإن كان عظيم المرتبة عند الله لكن لكل نبي من الأنبياء مرتبة منزلة وخاصية ليست لغيره فيكون كل نبي أصلاً لنفسه كما في التاتار خانية.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٤٩٣
يقول الفقير : كان عليه السلام نبي الرحمة لأن هو الأمان الأعظم ما عاش وما دامت سنته باقية على وجه الزمان قال تعالى : وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهو يستغفرون قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه : كان في الأرض أمانان فرفع أحدهما وبقي الآخر فأما الذي رفع فهو رسول الله عليه السلام وأما الذي بقي فالاستغفار وقرأ بعد هذه الآية ومنها نبي الملحمة أي الحرب لأنه بعث بالقتال فإن قلت المبعوث بالقتال كيف يكون رحمة
٥٠٠
قلت : كان أمم الأنبياء يهلكون في الدنيا إذا لم يؤمنوا بهم بعد المعجزات ونبينا عليه السلام بعث بالسيف ليرتدعوا به عن الكفر ولا يستأصلوا وفي كونه عليه السلام نبي الحرب رحمة ومنها الماحى وهو الذي محا الله به الكفر أو سيئات من اتبعه ومنها الحاشر وهو الذي يحشر الناس على قدمه أي على أثره ويجوز أن يراد بقدمه عهده وزمانه فيكون المعنى أن الناس يحشرون في عهده أي في دعوته من غير أن تنسخ ولا تبدل ومنها العاقب وهو الذي ليس بعده نبي لا مشرعاً ولا متابعاً أي قد غقب الأنبياء فانقطعت النبوة قال عليه السلام : يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي أي بالنبوة العرفية بخلاف النبوة التحقيقية التي هي الأنبياء عن الله فإنها باقية إلى يوم القيامة إلا أنه لا يجوز أن يطلق على أهطلها النبي لإيهامه النبوة العرفية الحاصلة بمجيء الوحي بواسطة جبرائيل عليه السلام ومنها الفاتح فإن الله فتح به الإسلام ومنها الكاف قيل معناه الذي أرسل إلى الناس كافة وليس هذا بصحيح لأن كافة لا يتصرف منه فعل فيكون منه اسم فاعل وإنما معناه الذي كف الناس عن المعاصي كذا في التكملة.


الصفحة التالية
Icon