يقول الفقير هذا إذا كان الكاف مشدداً وأما إذا كان مخففاً فيجوز أن يشار به إلى المعنى الأول كما قال تعالى يس أي يا سيد البشر ومنها صاحب الساعة لأنه بعث مع الساعة نذيراً للناس بين يدي عذاب شديد ومنها الرؤوف والرحيم والشاهد والمبشر والسراج المنير وطه ويس والمزل والمدثر وعليه السلام وقثم أي الجامع للخير ومنها.
ن.
إشارة إلى اسم النور والناصر ومنها المتوكل والمختار والمحمود والمصطفى وإذا اشتقت أسماؤه من صفاته كثرت جداً ومنها الخاتم بفتح التاء أي أحسن الأنبياء خلقاً وخلقاً فكأنه جمال الأنبياء كالخاتم الذي يتجمل به أي لما أتقنت به النبوة وكملت كان كالخاتم الذي يختم به الكتاب عند الفراغ منه وأما الخاتم بكسر التاء فمعناه أنه آخر الأنبياء فهو اسم فاعل من ختم ومنها راكب الجمل سماه به شعيا النبي عليه السلام فإن قلت : لم خص بركوب الجمل وقد كان يركب غيره كالفرس والحمال قلت : كان عليه السلام من العرب لا من غيرهم كما قال أحب العرب لثلاث لأني عربي والقرآن عربي ولسان أهل الجنة عربي والجمل مركب العرب مختص بهم لا ينسب إلى غيرهم من الأمم ولا يضاف لسواهم ومنها صاحب الهراوة سماه به سطيح الكاهن والهراوة بالكسر العصا فإن قلت لم خص بالعصا وقد كان غيره من الأنيباء يمسكها قلت العصا كثيراً ما تستعمل في ضرب الإبل وتخص بذلك كما قال به كثير في صفة البعير :
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٤٩٣
ينوخ ثم يضرب بالهراوي
فلا عرف لديه ولا نكير
فركوبه الجمل وكونه صاحب هراوة كناية عن كونه عربياً وقيل هي إشارة إلى قوله في الحديث في صفة الحوض اذود الناس عنه بعصاي ومنها روح الحق سماه به عيسى عليه السلام في الإنجيل وسماه أيضاً المنخنا بمعنى محمد ياخود آنكه خداى بفرستد اورا بعد از مسيح وفي التكملة هو بالسريانية ومنها حمياطى بالعبرانية وبر قليطس بالرومية بمعنى محمد وماذ ماذ بمعنى طيب طيب وفار قليطا مقصورا بمعنى أحمد وروى فار قليط بالباء وقيل معناه الذي
٥٠١
يفرق بين الحق والباطل وروي أن معناه بلغة لنصارى ابن الحمد فكأنه محمد وأحمد.
ـ وروي ـ أنه عليه السلام قال : اسمي في التوراة أحيد لأني أحيد أمتي عن النار واسمي في الزبور الماحي محا الله بي عبدة الأوثان واسمي في الإنجيل أحمد وفي القرآن محمد لأني محمود في أهل السماء والأرض فإن قلت قال رسول الله عليه السلام لي خمسة أسماء فذكر محمداً وأحمد والماحي والحاشر والعاقب وقد بلغت أكثر من ذلك قلت تخصيص الوارد لا ينافي ما سواه فقد خص الخمسة إما لعلم السامع بما سواها فكأنه قال لي خمسة زائدة على ما تعلم أو لفضل فيها كأنه قال لي خمسة أسماء فاضلة معظمة أو لشهرتها كأنه قال لي خمسة أسماء مشهورة أو لغير ذلك مما يحتمله اللفظ من المعاني وقيل لأن الموحى إليه في ذلك الوقت كان هذه الأسماء وقيل كانت هذه الأسماء معروفة عند الأمم السالفة ومكتوبة في الكتب المقتدمة وفيه أن أسماءه الموجودة في الكتب المتقدمة تزيد على الخمسة كما في التكملة لابن عسكر ﴿فَلَمَّا جَآءَهُم﴾ أي الرسول المبشر به الذي اسمه أحمد كما يدل عليه الآيات اللاحقة وأما إرجاعه إلى عيسى كما فعله بعض المفسرين فبعيد جداً وكون ضمير الجمع راجعاً إلى بني إسرائيل لا ينافي ما ذكرنا لأن نبينا عليه السلام مبعوث إلى الناس كافة ﴿بِالْبَيِّنَـاتِ﴾ أي بالمعجزات الظاهرة كالقرآن ونحوه والباء للتعدية ويجوز أن تكون للملابسة ﴿قَالُوا هَـاذَا﴾ مشيرين إلى ما جاء به أو إليه عليه السلام ﴿سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾ ظاهر وفي الآية إشارة إلى عيسى القلب وإسرائيل الروح وبنيه النفس والهوى وسائر القوى الشريرة فإنها متولدة من الروح والقالب منسلخة عن حكم أبيها فدعاها عيسى القلب من الظلمات الطبيعية إلى الأنوار الروحانية وبشرها بأحمد السر لكونه أحمد من عيسى القلب لعلو مرتبته عليه فلما جاءها بصور التجليات الصفاتية والأسمائية قالت : هذا أمر وهمي متخيل لا وجود له ظاهر البطلان وهكذا براهين أهل الحق مع المنكرين ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ﴾ وكيست ستمكارتر از أن كس كه دروغ مى سازد بر الله.
والفرق بين الكذب والافتراء هو أن الافتراء افتعال الكذب من قول نفسه والكذب قد يكون على وجه التقليد للغير فيه ﴿وَهُوَ﴾ أي والحال أن ذلك المفترى ﴿يُدْعَى﴾ من لسان الرسول ﴿إِلَى الاسْلَـامِ﴾ الذي به سلامة الدارين أي أي الناس أشد ظلماً ممن يدعي الإسلام الذي يوصله إلى سعادة الدارين فيضع موضع الإجابة الافتراء على الله بقوله لكلامه الذي هو دعاء عباده إلى الحق هذا سحر فاللام في الكذب للعهد أي هو أظلم من كل ظالم وإن لم يتعرض ظاهر الكلام لنفي المساوي ومن الافتراء على الله الكذب في دعوى النسب والكذب في الرؤيا والكذب في الأخبار عن رسول الله عليه السلام.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٤٩٣


الصفحة التالية
Icon