حتى تمرنوا على الكفر واطمأنوا به وصارت بحيث لا يدخلها الإيمان جزاء على نفاقهم ومعاقبة على سوء أفعالهم فليس لهم أن يقولوا إن الله ختم على قلوبنا فكيف تؤمن والطبع أن يصور الشيء بصورة ما كطبع السكة وطبع الدارهم وهو أعم من الختم وأخص من النقش كما في المفردات ﴿فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ﴾ حقيقة الإيمان ولا يعرفون حقيقته أصلاً كما يعرفه المؤمنون والفقه لغة الفهم واصطلاحاً علم الشريعة لأنه الأصل فيما يكتسب بالفهم والدراية وإن كان سائر العلوم أيضاً لا ينال إلا بالفهم دل الكلام على أن ذكر بعض مساوي العاصي عند احتمال الفائدة لا بعد من الغيبة المنهي عنها بل قد يكون مصلحة مهمة على ما روي عنه عليه السلام اذكروا الفاجر بما فيه كي يحذره الناس وفي المقاصد الحسنة ثلاثة ليست لهم غيبة الإمام الجائر والفاسق المعلن بفسقه والمبتدع الذي يدعو الناس إلى بدعته وقال الفاشاني ذلك بسبب أنهم آمنوا بالله بحسب بقية نور الفطرة والاستعداد ثم كفروا أي ستروا ذلك النور بحجب الرذائل وصفات نفوسهم فطبع على قلوبهم برسوخ تلك الهيئات وحصول الرين من المكسوبات فحجبوا عن ربهم بالكلية فهم لا يفهموا معنى الرسالة ولا علم التوحيد والدين ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ﴾ وون به بيني منافقاً نراون ابن ابي وأمثال او.
الرؤية بصرية ﴿تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ﴾ بشكفت آرد ترا اجسام ايشان.
لضخامتها ويروقك منظرهم لصباحة وجوههم وأصله من العجب والشيء العجيب هو الذي يعظم في النفس أمره لغرابته والتعجب حيرة تعرض للنفس بواسطة ما يتعجب منه ﴿وَإِن يَقُولُوا﴾ وون سخن كويند ﴿تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ﴾ لفصاحتهم وذلاقة ألسنتهم وحلاوة كلامهم واللام صلة وقيل تصغي إلى قولهم وكان ابن أبي جسيماً صبيحاً فصيحاً يحضر مجلس رسول الله عليه السلام في نفر من أمثاله وهم رؤساء المدينة وكان عليه السلام ومن معه يعجبون بهيا كلهم ويسمعون إلى كلامهم وأن الصباحة وحسن المنظر لا يكون إلا من صفاء الفطرة في اوصل ولذا قال عليه السلام : اطلبوا الخير عند حسان الوجوه أي عغالباً وكم من رجل قبيح الوجه قضاء للحوائج قال بعضهم :
يدل على معروفه حسن وجهه
وما زال حسن الوجه أحد الشواهد
وفي الحديث إذا بعثتم إلى رجلا فابعثوه حسن الوجه حسن الاسم ثم لما رأى عليه السلام غلبة الرين على قلوب المنافقين وانطفاء نور استعدادهم وإبطال الهيئات الدنية العارضة خواصهم الأصلية ايس منهم وتركهم على حالهم.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٥٢٩
ـ وروي ـ عن بعض الحكماء أنه رأى غلاماً حسناً وجهه فاستنطقه لظنه ذكاء فطنته فما وجد عنده معنى فقال : ما أحسن هذا البيت لو كان فيه ساكن وقال آخر طشت ذهب فيه خل ﴿كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ﴾ في حيز الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هم كأنهم أو كلام مستأنف لا محل له والخشب بضمتين جمع
٥٣٢
خشبة كأكم وأكمة أو جمع خشب محركة كأسد وأسد وهو ما غلظ من العيدان والإسناد الإمالة ومسندة للتكثير فإن التسنيد تكثير الإسناد بكثرة المحال أي كأنها أسندت إلى مواضع والمعنى بالفارسية كويا ايشان و بهاى خشك شده اند بديوار بازنهاده.
شبهوا في جلوسهم في مجالس رسول الله مستندين فيها بأخشاب منصوبة مسندة إلى الحائط في كونهم أشباحاً خالية عن العلم والخير والانتفاع ولذا اعتبر في الخشب التسنيد لأن الخشب إذا انتفع به كان في سقف أو جدار أو غيرهما من مظان الانتفاع فكما أن مثل هذا الخشب لا نفع فيه فكذا هم لا نفع فيهم وكما أن الروح النامية قد زالت عنهم فهم في زوال استعداد الحياة الحقيقية والروح الإنساني بمثابتها.
يقول الفقير فيه إشارة إلى أن الاستناد في مجالس الأكابر أو في مجالس العلم من ترك الأدب ولذا منع الإمام مالك رحمه الله هارون الرشيد من الاستناد حين سمع منه الموطأ.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٥٢٩