وفي التأويلات النجمية : ولله العزة أي القوةالاسم الأعظم ولرسول القلاب المظهر الأتم الأعم ولمؤمني القوى الروحانية ولكن منافقي النفس والهوى وصفاتهما الظلمانية الكدرة لا يعلمون لاستهلاكهم في الظلمة وانغماسهم في الغفلة يا اأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا} إيماناً صادقاً ﴿لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلَـادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ﴾ في الصحاح لهيت عن الشيء بالكسر ألهى لهياً ولهياناً إذا سلوت وتركت ذكره وأضربت عنه وفي القاموس لها كدعا سلا وغفل وترك ذكره كتلهى وألهاه أي شغله ولهوت بالشيء بالفتح ألهو لهواً إذا لعبت به والمعنى لا يشغلكم الاهتمام بتدبير أمورها والاعتناء بمصالحها والتمتع بها عن الاشتغال بذكره تعالى من الصلاة وسائر العبادات المذكرة للمعبود ففي ذكر الله مجتاز أطلق المسبب وأريد السبب قال بعضهم : الذكر بالقلب خوف الله وباللسان قراءة القرآن والتسبيح والتهليل والتمجيد والتكبير وتعلم علم الدين وتعليمه وغيرها وبالأبدان الصلاة وسائر الطاعات والمراد نهبهم عن التلهي بها أي عن ترك ذكر الله بسبب الاشتغال بها وتوجيه النهي إليها للمبالغة بالتجوز بالسبب عن المسبب كقوله تعالى فلا يكن في صدرك حرج وقد ثبت أن المجاز أبلغ وقال بعضهم : هو كناية لأن الانتقال من لا تلهكم إلى معنى قولنا لا تلهوا انتقال من اللازم إلى الملزوم وقد كان المنافقون بخلاء بأموالهم ولذا قالوا : لا تنفقوا على من عند رسول الله ومتعززين بأولادهم وعشائرهم مشغولين بهم وبأموالهم عن الله وطاعته وتعاون رسوله فنهى المؤمنون أن يكونوا مثلهم في ذلك ﴿وَمَن يَفْعَلْ ذَالِكَ﴾ أي التلهي بالدنيا عن الدين والاشتغال بما سواه عنه ولو في أقل حين ﴿فأولئك هُمُ الْخَـاسِرُونَ﴾ أي الكاملون في الخسران حيث باعوا
٥٤٠
العظيم الباقي بالحقير الفاني.
قال الكاشفي : مقتضاي ايمان آنست كه دوستى خداى تعالى غالب بود بردوستى همه اشيا تا حدى كه اكر تمام نوال دنيا ومجموع نعم آخرت بروى عرض كنند بنظر در هي كدام ننكرد :
شم دل ازنعيم دوعالم به بسته ايم
مقصود مازديني وعقبي تويى وبس
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٥٢٩
وفي الحديث ما طلعت الشمس إلا بجنبيها ملكان يناديان ويسمعان الخلائق غير الثقلين يا أيها الناس هلموا إلى ربكم ما قل وكفى خير مما كثر وألهى وفي الآية إشارة إلى كمل أرباب الإيمان الحقيقي الشهودي يقول الله لهم لا تشغلكم رؤية أموال أعمالكم الصالحة من الصلاة والزكاة والحج والصوم ولا أورد الأحوال التي هي نتيجة الأعمال من المشاهدات والمكاشفات والمواهب الروحانية والعطايا الربانية عن ذكر ذاته وصفاته وأسمائه وظهوره في صورة الأعمال والأحوال ومن يفعل ذلك فإنما يشغل بالخلق ويجتنب بالنعمة عن المنعم فأولئك هم الخاسرون خسروا رأس مال التجارة وما ربحوا إلا الخسران وهو حجاب عن المشهود الحقيقي قال بعضهم في الآية بيان أن من لم يبلغ درجة التمكين في المعرفة لا يجوز له الدخول في الدنيا من الأهل والمال والولد فإنها شواغل قلوب الذاكرين عن ذكر الله ومن كان مستقيماً في المعرفة وقرب المذكور فذكره قائم بذكر الله إياه فيكون محفوظاً من الخطرات المذمومة والشاغلات الحاجبة وأما الضعفاء فلا يخرجون من بحر هموم الدنيا فإذا باشرت قلوبهم الحظوظ والشهوات لا يكون ذكرهم صافياً عن كدورات الخطرات وقال سهل قدس سره : لا يشغلكم أموالكم ولا أولادكم عن أداء الفرائض في أول مواقيتها فإن من شغله عن ذكر الله وخدمته عرض من عروض الدنيا فهو من الخاسرين ﴿أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَـاكُم﴾ أي بعض ما أعطيناكم تفضلاف من غير أن يكون حصوله من جهتكم ادخار اللآخرة يعني حقوق واجب را اخراج نماييد.
فالمراد هو الإنفاق الواجب نظراً إلى ظاهر الأمر كما في الكشاف ولعل التعميم أولى وأنسب بالمقام ﴿مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ﴾ بأن يشاهد دلائله ويعاين إماراته ومخايله وتقديم المفعول على الفاعل للاهتمام بما تقدم والتشويق إلى ما تأخر ولم يقل من قبل أن يأتيكم الموت فتقولوا إشارة إلى أن الموت يأتيهم واحداً بعد واحد حتى يحيط بالكل ﴿فَيَقُولَ﴾ عند تيقنه بحلوله ﴿رَبِّ﴾ أي آفريد كارمن ﴿لَوْلا أَخَّرْتَنِى﴾ هلا أمهلتني فلولا للتحضيض وقيل لا زائدة للتأكيد ولو للتمني بمعنى لو أخرتني ﴿إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ﴾ أي أمد قصير وساعة أخرى قليلة وقال أبو الليث يا سيدي ردني إلى الدنيا وأبقني زماناً غير طويل وفي عين المعاني مثل ما أجلت لي في الدنيا
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٥٢٩