٦١
لأقوالكم ﴿عَلِيمٌ﴾ بأدعالكم فمن حقه أن يتقي ويراقب ويجوز أن يكون معنى لا تقدموا لا تفعلوا التقديم بالكلية على أن الفعل لم يقصد تعلق بمفعوله وإن كان متعدياً قال المولى أبو السعود وهو أوفى بحق المقام لإفادة النهي عن التلبس بنفس الفعل الموجب لانتفائه بالكلية المستلزم لانتفاء تعلقه بمفعوله بالطريق البرهاني وقد جوز أن يكون التقديم لازماً بمعنى التقدم ومنه مقدمة الجيش للجماعة المتقدمة منهم ومنه وجه بمعنى توجه وبين بمعنى تبين نهى عن التقدم لأن التقدم بين يدي المرء خروج عن صفة المتابعة واستقلال في الامر فيكون التقدم بين يدي الله ورسوله منافياً للإيمان وقال مجاهد والحسن : نزلت الآية في النهي عن الذبح يوم الأضحى قبل الصلاة كأنه قيل : لا تذبحوا قبل أن يذبح النبي عليه السلام وذلك أن ناساً ذبحوا قبل صلاة النبي عليه السلام فأمرهم أن يعيدوا الذبح وهو مذهبنا إلا أن تزول الشمس وعند الشافعي يجوز إذا مضى من الوقت ما يسع الصلاة وعن البراء رضي الله عنه خطبنا النبي عليه السلام يوم النحر فقال : إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا ومن ذبح قبل أن نصلي فإنما هو لحم عجله لأهله ليس في النسك في شيء وعن عائشة رضي الله عنها أنها نزلت في النهي عن صوم يوم الشك أي لا تصوموا قبل أن يصوم نبيكم قال مسروق كنا عند عائشة يوم الشك فأتى بلبن فنادتني وفي بحر العلوم قالت للجارية : اسقيه عسلاً فقلت : إني صائم فقالت : قد نهى الله عن صوم هذا اليوم وتلت هذه الآية وقالت : هذه في الصوم وغيره وقال قتادة إنا ناساً كانوا يقولون : لو أنزل في كذا أو صنع في كذا ولو نزل كذا وكذا في معنى كذا ولو فعل الله كذا وينبغي أن يكون كذا فكره الله ذلك فنزلت وعن الحسن لما استقر رسول الله بالمدينة أتته الوفود من الآفاق فأكثروا عليه بالمسائل فنهوا أن يبتدئوا بالمسألة حتى يكون المبتدىء والظاهر أن الآية عام في كل قول وفعل ولذا حذف مفعول لا تقدموا ليذهب ذهن السامع كل مذهب مما يمكن تقديمه من قول أو فعل مثلاً إذا جرت مسألة في مجلسه عليه السلام لا تسبوه بالجواب وإذا حضر الطعام لا تبدئوا بالأكل قبله وإذا ذهبتم إلى موضع لا تمشوا أمامه إلا لمصلحة دعت إليه ونحو ذلك مما يمكن فيه التقدم قيل : لا يجوز تقدم الأصغار على الأكابر إلا في ثلاثة مواضع إذا ساروا ليلاً أو رأوا خيلاً أي جيشاً أو دخلوا سيلاً أي ماء سائلاً وكان في الزمان الأول إذا مشى الشاب أمام الشيخ يخسف الله به الأرض ويدخل في النهي المشي بين يدي العلماء فإنهم ورثة الأنبياء دليله ما روى عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : رآني رسول الله عليه السلام أمشي أمام أبي بكر رضي الله عنه فقال : تمشي أمام من هو خير منك في الدنيا والآخرة ما طلعت شمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين خير أو أفضل من أبي بكر رضي الله عنه كما في كشف الأسرار وأكثر هذه الروايات يشعر بأن المراد بين يدي رسول الله وذكر الله لتعظيمه والإيذان بجلالة محل عنده حيث ذكر اسمه تعالى توطئة وتمهيداً لذكر اسمه عليه السلام ليدل على قوة اختصاصه عليه السلام برب العزة وقرب منزلته من حضرته تعالى فإن إيقاع ذكره تعالى موقع ذكره عليه السلام بطريق العطف تفسير للمراد يدل عليها لا محالة كما يقال : أعجبني زيد وكرمه
٦٢
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٦١
في موضع أن يقال اعجبني كرم زيد للدلالة على قوة اختصاص الكرم به وقال ابن عباس رضي الله عنهما معنى الآية لا تقولوا الاف الكتاب والسنة.
يقول الفقير : لعله من باب الاكتفاء والمقصو ولا تفعلوا خلافهما أيضاً فإن كلاً منهما من قبيل التقدم لحدود الله وحدود رسوله وبهذا المعنى في هذه الآية ألهمت بين النوم واليقظة والله أعلم وفي الآية بيان رأفة الله على عباده حيث سماهم المؤمنين مع معصيتهم فقال : ياأيها الذين آمنوا ولم يقل ياأيها الذين عصوا وهذا نداء مدح كما في تفسير أبي الليث وأيضاً فيها وعيد لمن حكم بخاطره بغير علم بالفرق بين الإلهام والوسواس ويقول : إنه الحق فألزموه ومقصوده الرياء والسمعة ومن شرط المؤمن أن لا يرى رأيه وعقله واختباره فوق رأي النبي والشيخ ويكون مستسلماً لما يرى فيه مصلحة ويحفظ الأدب في خدمته وصحبته ومن أدب المريدان أن يتكلم بين يدي الشيخ فإنه سبب سقوطه من أعين الأكابر قال سهل : لا تقولوا قبل أن يقول وإذا قال فاقبلوا منه منصتين له مستمعين إليه واتقوا الله في إهمال حقه وتضييع حرمته أن الله سميع لما تقولون عليم بما تعملون وقال بعضهم : لا تطلبوا وراء منزلته منزلة فإنه لا يوازيه أحد بل لا يدانيه.
شم اواز حيا كوش اواز حكمت زبان اوز ثنا وتسبيح ودل اواز رحمت دست اواز سخاموى اواز مشك بويا.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٦١