﴿أَن تَحْبَطَ أَعْمَـالُكُمْ﴾ تا باطل نشود عملهاى شما بسبب اين جرأت.
وهو علة إما للنهي على طريق التنازع فإن كل واحد من قوله لا ترفعوا ولا تجهروا يطلبه من حيث المعنى فيكون علة للثاني عند البصريين وللأول عند الكوفيين كأنه قيل انتهوا عما نهيتم عنه لخشية حبوط أعمالكم أو كراهته كما في قوله تعالى يبين الله لكم أن تضلوا فحذف المضاف ولام التعليل وإما علة للفعل المنهى كأنه قيل انتهوا عن الفعل الذي تفعلونه لأجل حبوط أعمالكم فاللام فيه لام العاقبة فإنهم لم يقصدوا بما فعلوه من رفع الصوت والجهر حبوط أعمالهم إلا أنه لما كان بحيث قد يؤدي إلى الكفر المحبط جعل كأنه فعل لأجله فأدخل عليه لام العلة تشبيهاً لمؤدي الفعل بالعلة الغائية وليس المراد بما نهى عنه من الرفع والجهر ما يقارنه الاستخفاف والاستهانة فإن ذلك كفر بل ما يتوهم أن يؤدي إليه مما يجري بينهم في أثناء المحاورة من الرفع والجهر خلا أن رفع الصوت فوق صوته عليه السلام لما كان منكراً محضاً لم يقيد بشيء يعني أن الاستخفاف به عليه السلام كفر لا الاستخفاف بأمر الرفع والجهر بل هو المؤدي إلى المنكر لأنهم إذا اعتادوا الرفع والجهر مستخفين بأمرهما ربما انضم إلى هذا الاستخفاف قصد الإهانة به عليه السلام وعدم المبالاة وكذا ليس المراد ما يقع الرفع والجهر في حرب أو مجادلة معاند أو إرهاب عدو أو نحو ذلك فإنه مما لا بأس به إذ لا يتأذى به النبي عليه السلام فلا يتناوله النهي ففي الحديث أنه قال عليه السلام للعباس بن عبد المطلب لما انهزم الناس يوم حنين إصرخ بالناس وكان العباس أجهر الناس صوتاً ـ يروى ـ أن غارة أتتهم يوماً أي في المدينة فصاح العباس : يا صباحاه فأسقط الحوامل لشدة صوته وكان يسمع صوته من ثماني أميال ما هو في الفتح وعن ابن العباس رضي الله عنهما
٦٤
نزلت في ثابت بن قيس بن شماس وكان في إذنه وقر وكان جهوري الصوت أي جهيره ورفيعه وربما كان يكلم رسول الله فيتأذى بصوته وعن أنس لما نزلت الآية فقد ثابت وتفقده عليه السلام فأخبر بشأنه فدعاه عليه السلام فسأله فقال : يا رسول الله لقد أنزلت إليك هذه الآية وأنه رجل جهير الصوت فأخاف أن يكون عملي قد حبط فقال عليه السلام :"لست هناك إنك تعيش بخير وتموت بخير وإنك من أهل الجنة وصدق رسول الله فإن ثابتاً مات بخير حيث قتل شهيداً يوم مسيلمة الكذاب وعليه درع فرآه رجل من الصحابة بعد موته في المنام فقال له : اعلم أن فلاناً لرجل من المسلمين نزع درعي فذهب بها وهو في ناحية من العسكر وعنده فرس مشدود يرعى وقد وضع على درعي برمة فائت خالد بن الوليد فأخبره حتى يسترد درعي وائت أبا بكر رضي الله عنه خليفة رسول الله وقل له أن علي ديناً لفلان حتى يقضي ديني وفلان من عبيدي حر فأخبر الرجل خالداً فوجد درعه والفرس على ما وصفه فاسترد الدرع وأخبر خالد أبا بكر بتلك الرؤيا فأجاز أبو بكر وصيته قال مالك بن أنس رضي الله عنه : لا أعلم وصية أجيزت بعد موت صاحبها إلا هذه الوصية
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٦١


الصفحة التالية
Icon