أنه لم يقع ولزومه قد يكون لقوته من أول الأمر وقد يكون لعدم غيبة موجبه وسببه عن الخاطر وقد يكون لكثرة تذكره ولغير ذلك من الأسباب وفي الآية دلالة على أن الجاهل لا بد أن يصير نادماً على ما فعله بعد زمان وفي ترتيب الأمر بالتبين على فسق المخبر إشارة إلى قبول خبر الواحد العدل في بعض المواد ورد عليه السلام شهادة رجل في كذبة واحدة وقال : إن شاهد الزور مع العشار في النار وقال عليه السلام : من شهد شهادة زور فعليه لعنة الله ومن حكم بين اثنين فلم يعدل بينهما فعليه لعنة الله وما شهد رجل على رجل بالكفر إلا باء به أحدهما إن كافراً فهو كما قال وإن لم يكن كافراً فقد كفر بتكفيره إياه كما في كشف الأسرار وفي الآية أيضاً إشارة إلى ترك الاستماع إلى كلام الساعي والنمام والمغتاب للناس :
كسى يش من درجهان عاقلست
كه مشغول خود وز جهان غافلست
كسى راكه نام آمد اندرميان
به نيكوترين نام ونعتش بخوان
ازان همنشين تاتوانى كربز
كه مرفتنه خفته را كفت خيز
ميان دوكس جنك ون آتش است
سخن ين بدبخت هيزم كش است
ميان دوتن آتش آفروختن
نه عقلست خود درميان سوختن
كتاب روح البيان ج٩ متن
الهام رقم ٨ من صفحة ٧١ حتى صفحة ٨١
فلا بد من النبيين والتفحص ليظهر حقيقة الحال ويسلم المرء من الوبال ويفتضح الكذاب الدجال وفي الحديث التبين من الله والعجلة من الشيطان وفيها أيضاً إشارة إلى تسويلات النفس الفاسقة الأمارة بالسوء ومجيئها كل ساعة بنبأ شهوة من شهوات الدنيا فتبينوا ربحها وخسرانها من قبل أن تصيبوا قوماً من القلوب وصفاتها بجهالة ما فيهامن شفاء النفوس وحياتها ومرض القلوب ومماتها فتصبحوا صباح القيامة وأنتم على ما فعلتم نادمون ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ﴾ وبدانيدكه درميان شماست رسول الله.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٦١
وفائدة الأمر الدلالة على أنهم نزلوا منزلة الجاهلين لمكانه لتفريطهم فيما يجب من تعظيم شأنه فيكون قوله تعالى :﴿لَوْ يُطِيعُكُمْ فِى كَثِيرٍ مِّنَ الامْرِ لَعَنِتُّمْ﴾ استئنافاً وقال بعضهم : إن بما في حيزها ساد مسد مفعولي اعلموا باعتبار ما بعده من قوله تعالى لو يطيعكم الخ فإنه حال من أحد الضميرين في فيكم الأول المرفوع المستتر فيه العائد إلى رسول الله المنتقل إليه من عامله المحذوف لأن التقدير كائن فيكم أو مستقر والثاني المجرور البارز والمعنى أي على الحال أن فيكم رسول الله كائناً على حالة يجب عليكم تغييرها أو كائنين على حالة الخ وهي أنكم تريدون أن يتبع عليه السلام رأيكم في كثير من الحوادث ولو فعل ذلك لوقعتم في الجهد والهلاك فعلى هذا يكون قوله لو يطيعكم الخ دليل وجوب تغيير تلك الحال أقيم مقام الحال وفيه إيذان بأن بعضهم زينوا لرسول الله الإيقاع بيني المصطلق تصديقاً لقول الوليد وإنه عليه السلام لم يطع رأيهم والعنت محركة الفساد والإثم والهلاك ودخول المشقة على الإنسان كما في القاموس يقال عنت فلان إذا وقع في أمر يخاف منه التلف كما في المفردات فهو من الباب الرابع مثل طرب يطرب طرباً وقال الزمخشري : هو الكسر بعد الجبر كما في تاج المصادر العنت بزه مند شدن ودركارى افتيدن كه ازان بيرون نتواند آمد وشكسته شدن استخوان س ازبر وقوله لمن خشي
٧١
العنت منكم يعني الفجور والزنى ومنه الأسير من المسلمين في دارالحرب إذا خشي العنت على نفسه والفجور لا بأس بأن يتزوج امرأة منهم والتركيب يدل على مشقة وصيغة المضارع في لو يطيكم للدلالة على أن امتناع عنتهم لامتناع استمرار طاعته عليه السلام لأن عنتهم إنما يلزم من استمرار الطاعة فيما يعن لهم من الأمور إذ فيه اختلال أمر الإيالة وانقلاب الرئيس مرؤوساً لا من إطاعته في بعض ما يرونه نادراً بل فيها استمالتهم بلا معرة قال في علم البلاغة : لو للشرط في الماضي أي لتعليق حصول مضمون الجزاء بحصول مضمون الشرط فرضا مع القطع بانتفاء الشرط فيلزم انتفاء الجزاء فيلزم عدم الثبوت والمضي في جملتها إذا الثبوت ينافي التعليق والاستقبال ينافي الماضي فلا يعدل في جملتيها عن الفعلية لما ضوية إلا لنكتة فدخولها على المضارع نحو لو يطيعكم الخ لقصد استمرار الفعل فيما مضى وقتاً فوقتاً والفعف هو الإطاعة يعني أن امتناع عنتكم بسبب امتناع استمراره على إطاعتكم فإن المضارع يفيد الاستمرار ودخول لو عليه امتناع الاستمرار
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٦١