أي كان عدله من انعكاس نور أنيته صلى الله عليه وسلّم فاعرف جداً وفي الآية دلالة على أن الباغي لا يخرج بالبغي عن الإيمان لأن إحدى الطائفتين فاسقة لا محالة إذ اقتتلتا وقد سماهما مؤمنين وبه يظهر بطلان ما ذهب إليه المعتزلة والخوارج من خروج مرتكب الكبيرة عن الإيمان ويدل عليه ما روي عن علي رضي الله عنه أنه سئل وهو القدوة في قتال أهل البغي أعلمنا أهل الجمل وصفين أمشركون هم فقال لا من الشرك فروا فقيل أمنافقون هم فقال : لا إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً قيل : فما حالهم قال إخواننا بغوا علينا وأيضاً فيها دلالة على أن الباغي إذا أمسك عن الحرب ترك لأنه فاء إلى أمر الله وأنه يجب معاونة من بغى عليهم بعد تقديم النصح والسعي في المصالحة بدلالة قوله فأصلحوا بينهما فإن النصح والدعاء إلى حكم الله إذا وجب عند وجود البغي من الطائفتين فلأن يجب عند وجوده من إحداهما أولى لأن ظهور أثره فيها أرحى.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٦١
واعلم أن الباغي في الشرع هو الخارج على الإمام العادل وبيانه في الفقه في باب البغاة قال سهل رحمه الله في هذه الآية : الطائفتان هما الروح والقلب والعقل والطبع والهوى والشهوة فإن بغى الطبع والهوى والشهوة على العقل والقلب والروح فيقاتل العبد بسيوف المراقبة وسهام المطالعة وأنوار الموافقة ليكون الروح والعقل غالباً والهوى والشهوة مغلوباً وقال بعضهم : النفس إذا ظلمت على القلب باستيلاء شهواتها واستعلائها في فسادها يجب أن تقاتل حتى تثخن بالجراحة بسيوف المجاهدة فإن استجابت بالطاعة فيعفى عنها لأنها هي المطية إلى باب الله ولا بد من العدل بين القلب والنفس لئلا يظلم القلب على النفس كما لا يظلم النفس على القلب لأن لنفسك عليك حقاً نسأل الله إصلاح البال واعتدال الحال ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ جمع الآ(لأخ وأصله المشارك الآخر في الولادة من الطرفين أو من أحدهما أو من الرضاع ويستعار في كل مشارك لغيره
٧٦
في القبيلة أو في الدين أو في صنعة أو في معاملة أو في مودة أو في غير ذلك من المناسبات والفرق بين الخلة والأخوة أن الصداقة إذا قويت صارت إخوة فإن ازدادت صارت خلة كما في إحياء العلوم وسئل الجنيد قدس سره عن الأخ فقال : هو أنت في الحقيقة إلا أنه غيرك في الشخص قال بعض أهل اللغة : الأخوة جمع الأخ من النسب والإخوان جمع الأخ من الصداقة ويقع أحدهما موقع الآخر وفي الحديث وكونوا عباد الله إخواناً والمعنى إنما المؤمنون منتسبون إلى أصل واحد هو الإيمان الموجب للحياة الأبدية كما أن الأخوة من النسب منتسبون إلى أصل واحد هو الأب الموجب للحياة الفانية فالآية من قبيل التشبيه البليغ المبتني على تشبيه الإيمان بالأب في كونه سبب الحياة كالأب ﴿فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ﴾ الفاء للإيذان بأن الأخوة الدينية موجبة للإصلاح ووضع المظهر مقام المضمر مضافاً إلى المأمورين للمبالغة في تأكيد وجوب الإصلاح والتحضيض عليه وتخصيص الاثنين بالذكر لإثبات وجوب الإصلاح فيما فوق ذلك بطريق الأولوية لتضاعف الفتنة والفساد فيه ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ في كل ما تأتون وما تذرون من الأمور التي من جملتها ما أمرتم به منا لإصلاح وفي التأويلات النجمية واتقوا الله في إخوتكم في الدين بحفظ عهودهم ورعاية حقوقهم في المشهد والمغيب والحياة والممات ﴿لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ راجين أن ترحموا على تقواكم كما ترحمون.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٦١
واعلم أن أخوة الإسلام أقوى من أخوة النسب بحيث لا تعتبر أخوة النسب إذا خلت عن أخوة الإسلام ألا ترى أنه إذا مات المسلم وله أخ كافر يكون ماله للمسلمين لا لأخيه الكافر وكذا إذا مات أخ الكافر وذلك لأن الجامع الفاسد لا يفيد الأخوة وأن المعتبر الأصلي الشرعي لا يرى أن ولدي الزنى من الرجل واحد لا يتوارثان وهذا المعنى يستفاد من الآية أيضاً لأن إنما للحصر فكأنه قيل : لا أخوة إلا بين المؤمنين فلا إخوة بين المؤمن والكافر وكسب المرتد حال إسلامه لوارثه المسلم لاستناده إلى ما قبل الردة فيكون توريث المسلم من المسلم وأما كسبه حال ردته فهو فيىء يوضع في بيت المال لأنه وجد بعد الردة فلا يتصور إسناده إلى ما قبلها وفي الحديث كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسيب.
مراد باين نسب دين وتقواست نه نسب آب وكل والا ابو لهب رادر ان نصيب بودى.