أي لا مهذب في الرجال يخلو من التفرق والعيوب فمن أراد أخاً مهذباً وطلت صديقاً منقحاً لا يجده فلا بد من الستر.
قال الصائب :
زديدن كرده ام معزول شم عيب بينى را
اكر برخارمى يم كل بيخارمى بينم
وقال :
بعيب خويش اكراره بردمى صائب
بعيب جويى مردم ه كارداشتمى
﴿وَلا تَنَابَزُوا بِالالْقَـابِ﴾ النبز بسكون الباء مصدر نبزه بمعنى لقبه وبالفارسية لقب نهادن.
وتنابزوا بالألقاب لقب بعضهم بعضاً فإن التنابز بالفارسي يكد يكررا بقلب خواندن.
وبفتحها اللقب مطلقاً أي حسناً كان أو قبيحاً ومنه قيل في الحديث قوم نبزهم الرافضة أي لقبهم ثم خص في العرف باللقب القبيح وهو ما يكره المدعو أن يدعى به وللقب ما سمي به الإنسان بعد اسمه العلم من لفظ يدل على المدح أو الذم لمعنى فيه والمعنى ولا يدع بعضكم بعضاً بلقب السوء قالوا : وليس من هذا قول المحدثين سليمان الأعمش وواصل الأحدب ونحوه مما تدعو الضرورة إليه وليس فيه قصد استخفاف ولا أذى وفيه ءشارة إلى أن اللقب الحسن لا ينهى عنه مثل محيى الدين وشمس الدين وبهاء الدين وفي الحديث من حق المؤمن على أخيه أن يسميه بأحب أسمائه إليه ﴿بِئْسَ اسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الايمَـانِ﴾ الاسم هنا ليس ما يقابل اللقب والكنية ولا يقابل الفعل والحرف بل بمعنى الذكر المرتفع لأنه من السمو يقال : طار اسمه في الناس بالكرم أو باللؤم أي ذكره والفسوق هو المخصوص بالذم وفي الكلام مضاف مقدر وهو اسم الفسوق أي ذكره والمعنى بئس الذكر المرتفع للمؤمنين أن يذكروا بالفسوق بعد دخولهم الإيمان واشتهارهم به.
وفي التأويلات النجمية بئس الاسم اسم يخرجهم من الإيمان والمراد به إما تهجين نسبة الكفر والفسوق إلى المؤمنين خصوصاً إذ روى أن الآية نزلت في صفية بنت حيى رضي الله عنها أتت رسول الله باكية فقالت : إن النساء يقلن لي وفي عين المعاني قالت لي عائشة رضي الله عنها : يا يهودية بنت يهوديين فقال عليه السلام : هلا قلت إن أبي هارون وعمي موسى وزوجي محمد عليه السلامم السلام أو الدلالة على أن التنابز مطلقاً لا بالكفر والفسوق خصوصاً وخالد الفاسق ونحو ذلك والعجب من العرب يقولون للمؤمنين من أهل الروم نصارى فهم داخلون في الذم ولا ينفعهم الافتخار بالأنساب فإن التفاضل بالتقوى كما سيجيء ونعم ما قيل :
وما ينفع الأصل من هاشم
إذا كانت النفس من باهله
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٦١
وما قيل :
ه غم زمنقصت صورت اهل معنى را
و جان زروم بود كوتن ازحبش مى باش
وفي الحديث من عير مؤناً بذنب تاب منه كان حقاً على الله أن يبتليه به ويفضحه فيه في الدنيا والآخرة وفي الفقه لو قال رجل لصالح : يا فاسق ويا ابن الفاسق ويا فاجر ويا خبيث ويا مخنث ويا مجرم ويا مباحى ويا جيفة ويا بليد ويا ابن الخبيثة ويا ابن الفاجرة ويا سارق ويا لص ويا
٨٢
كافر ويا زنديق ويا ابن القحبة ويا ابن قرطبان ويا لوطى ويا ملاعب الصبيان ويا آكل الربا ويا شارب الخمر وهو بريء منه ويا ديوث ويأبي نماز ويا منافق ويا خائن ويا مأوى الزواني ويا مأوى اللصوص ويا حرام زاده يعزر في هذا كله في الفتاوي الزيني سئل عن رجل قال لآخر يا فاسق وأراد أن يثبت فسقه بالبينة ليدفع التعزير عن نفسه هل تسمع بينته بذلك انتهى وهو ينافي ظاهر ما قالوا من أن المقول له لو لم يكن رجلاً صالحاً وكان فيه ما قيل فيه من الأوصاف لا يلزم التعزير ﴿وَمَن لَّمْ يَتُبْ﴾ عما نهى عنه ﴿فَأُوالَـائِكَ هُمُ الظَّـالِمُونَ﴾ بوضع العصيان موضع الطاعة وتعريض النفس للعذاب والظالم أعم من الفاسق والفاسق أعم من الكافر.
وفي التأويلات النجمية ومن لم يتب يعني من مقالة إبليس وفعاله بأن ينظر إلى نفسه بالعجب وإلى غيره بالحقارة فأولئك هم الظالمون فيكونون منخرطين في سلك اللعنة والطرد مع إبليس ما قال تعالى ألا لعنة الله على الظالمين انتهى وفيه دلالة بينة على أن الرجل بترك التوبة يدخل مدخل الظلمخة فلا بدمن توبة نصوح من جميع القبائح والمعاصي لا سيما ما ذكر في هذا المقام.
قال الصائب :
سرماية نجات بودتوبه درست
باكشتى شكسته بدرياه ميروى
ومن أصر أخذ سريعاً لأن أقرب الأشياء صرعة الظلوم وأنفذ السهام دعوة المظلوم وتختلف التوبة على حسب اختلاف الذنب فبعض الذنوب يحتاج إلى الاستغفار وهو ما دون الكفر وبعضها يحتاج معه إلى تجديد الإسلام والنكاح إن كانت له امرأة وكان بعض الزهاد يجدد عند كل ذنب إيماناً بالله وتبرئاً من الكفر احتياطاً كما في زهرة الرياض.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٦١


الصفحة التالية
Icon