وفي كشف الأسرار المباح كالظن في الصلاة والصوم والقبلة أمر صاحبه بالتحري فيها والبناء على غلبة الظن وفي تفسير الكاشفي تحردرى أمر قبله وبنا نهادن بر غلبه ظن در امور اجتهاديه مندوبست.
ومعنى التحري لغة الطلب وشرعا طلب شيء من العبادات بغالب الرأي عند تعذر الوقول على حقيقته ﴿إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ يستحق العقاب عليه وذلك البعض كثير وهو تعليل للأمر بالاجتناب بطريق الستئناف التحقيقي والاثم الذنب يستحق العقوبة عليه وهمزته منلقلبة من الواو كأنه يثم الأعمال أي يكثرها فإن قلت أليس هذا ميلاً إلى مذهب الاعتزال؟ قلت : بلى لولا التشبيه أي في كأنه قاله سعدي المفتي وقال أيضاً تبع المصنف في ذلك الزمخشري واعترض عليه بأن تصريف هذه الكلمة لا تنفك عنه الهمزة بخلاف الواوي وأنها من باب علم والواوي من باب ضرب قلت والزمخشري نفسه ذكرها في الأساس في باب الهمزة انتهى ودلت الآية على أن أكثر الظنون من قبيل الإثم لأن الشيطان يلقى الظنون في النفس فتظن النفس الظن الفاسد وعلى أن بعض الظن ليس باثم بل هو حقيقته وهو ما لم يكن من قبيل النفس بل كان باللراسة الصحيحة بأن يرى القلب بنور اليقين ما جرى في الغيب وفي الحديث أن في كل أمة محدثين أو مروعين على الشك من الراوي فإن يكن في هذها لأمة فإن عمر منهم والمحدث المصيب في رأيه كأنما حدث بالأمر المروع الذي يلقى الأمر في روعه أي قلبه وفي فتح الرحمن ولا يقدم على الظن إلا بعد النظر في حال الشخص فإن كان موسوماً بالصلاح فلا يظن به السوء بأدنى توهم بل يحتاط في ذلك ولا تظنن السوء إلا بعد أن لا تجد إلى الخير سبيلاً.
قال الصائب :
سيلاب صاف شدزهم آغوشيء محيط
باسينه كشاده كدورت ه ميكند
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٦١
وأما الفساق فلنا أن نظن بهم مثل الذي ظهر منهم وفي منهاج العابدين للإمام الغزالي قدس سره إذا كان ظاهر الإنسان الصلاح والستر فلا حرج عليك في قبول صلاته وصدقته ولا يلزمك البحث بأن تقول قد فسد الزمان فإن هذا سوء ظن بذلك الرجل المسلم بل حسن الظن بالمؤمنين مأمور به انتهى وفي الحديي من أتاه رزق من غير مسألة فرده فإنما يرده على الله قال الحسن : لا يرد جو آئز الأمراء الأمرائى أو أحمق وكان بعض السلف يستقرض لجميع حوائجه ويأخذ الجوائز ويقضي بها دينه والحيلة فيه أن يشتري بمال مطلق ثم ينقد ثمنه من أي مال شاء وعن الإمام الأعظم أن المبتلي بطعام السلطان والظلمة يتحرى إن وقع في قلبه حله قبل وأكل وإلا لا لقوله عليه السلام استفت قلبك قال الشيخ أبو العباس قدس سره : من كان من فقراء هذا الزمان أكالاً لأموال الظلمة مؤثراً للسماع ففيه نزغة يهودية قال تعالى : سماعون للكذب أكالون للسحت قال سفيان الثوري رضي الله عنه : الظن ظنان أحدهما إثم وهو أن تظن وتتكلم به والآخر ليس بإثم وهو أن تظن ولا تتكلم به والمراد بأن بعض الظن إثم ما أعلنته وتكلمت به من الظن وعن الحسن كنا في زمان الظن بالناس حرام فيه وأنت اليوم في زمان أعمل وأسكت وظن بالناس ما شئت أي لأنهم أهل لذلك والمظنون موجود فيهم وعنه أيضاً أن صحبة الأشرار تورث حسن الظن بالأخيار وطلب المتوكل اجارية
٨٥
الدقاق بالمدينة وكان من أقران الجنيد ومن أكابر مصر فكاد يزول عقله لفرط حبها فقالت لمولاها : أحسن الظن بالله وبي فإني كفيلة لك بما تحب فحملت إليه فقال لها المتوكل : اقرئي فقرأت أن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة ففهم المتوكل ما أرادت فردها.