قال بعضهم : أي جميع ما صدر منك قبل النبوة وبعدها مما يطلق عليه الذنب قال في شرح المواقف : حمله على ما تقدم على النبوة وما تأخر عنها لا دلالة للفظ عليه إذ يجوزان أن يصدر عنه قبل النبوة صغيرتان إحداهما متقدمة على الأخرى انتهى.
وفيه أنه يصح أن يطلق على كل من الصغيرتين أنهما قبل النبوة قان التقدم والتأخر إضافي وهو اللائح قال أهل الكلام : إن الأنبياء معصومون من الكفر قبل الوحي وبعده بإجماع العلماء ومن سائر الكبائر عمداً بعد الوحي وإما سهواً فجوزه الأكثرون وإما الصغائر فتجوز عمداً عند الجمهمر وسهوراً بالاتفاق وإما قبل الوحي فلا دليل بحسب السمع أو العقل على امتناع صدور الكبيرة وقال عطاء الخراساني ما تقدم من ذنبك أي ذنب أبويك آدم وحواء ببركتك روي أن آدم لما اعترف
بالخطيئة قال : يا رب بحق محمد أن تغفر لي فقال الله : يا آدم كيف عرفت محمداً ولم أخلفه قال : لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوباً لا إله إلا الله محمد رسول الله فعرفت أنك لم تضف إلى إسمك إلا اسم أحب الخلق إليك فقال الله : صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي فغفرت لك ولولا محمد لما خلقتك رواه البيهقي في دلائله وما تأخر من ذنوب أمتك بدعوتك وشفاعتك :(سلمى قدس سره فرمودكه ذنب آدم رابوى اضافت كرده ذر وقت زلت در صلب وى بوده وكناه امت را بوى اسناد فرموده أو يش رودكار ساز ايشانست).
وقال ابن عطاء قدس سره لما بلغ عليه السلام سدرة المنتهى ليلة المعراج قدم هو وأخر جبريل فقال لجبريل تتركني في هذا الموضع وحدي فعاتبه الله حين سكن إلى جبريل فقال : ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيكون كل من الذنبين بعد النبوة وقال سفيان الثوري رحمه الله ما تقدم ما عملت في الجاهلية وما تأخر ما لم تعمله قال في كشف الأسرار ويذكر مثل ذلك على طريق التأكيد كما يقال أعطى من رآه ومن لم يره وضرب من لقيه ومن لم يلقه انتهى لكن فيه أنه خارج من أدب العبارة فالواجب أن يقال ما تقدم أي ما عملت قبل الوحي وقيل ما تقدم من ذنب يوم بدر وما تأخر من ذنب يوم حنين حيث قال يوم بدر : اللهم أن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض أبداً وكرره مراراً فأوحى الله إليه من أين تعلم أني لو أهلكتها لا أعبد أبداً؟ فكان هذا الذنب المتقدم وقال يوم حنين بعد أن هزم الناس ورجعوا إليه لو لم أرمهم أي الكفار بكف الحصى لم يهزموا فأنزل الله وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وهو الذنب المتأخر لكن فيه أن المتأخر متأخر عن الوقعة فيكون وعداً بغفران ما سيقع منه قال في بحر العلوم وأبعد من هذا قول أبي على الرود بادي رحمه الله : لو كان لك ذنب قديم أو حديث لغفرناه لك انتهى.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٢
يقول الفقير أبو علي قدس سره من كبار العارفين : فكيف يصدر عنه ما هو أبعد عند العقول بل كلامه من قبيل قوله : من عرف الله عرف كل شيء يعني لاو تصورت معرفة الله لأحد وهي لا تتصور حقيقة وكذا لو تصور منه عليه السلام ذهب لغفر له لكنه لا يتصور لأنه في جميع أحواله إما مشتمل بواجب أو بمندوب لا غير فهو كالملائكة في أنه لا يصدر منه المخالفة ولي معنى آخر في هذا المقام وهو أن المراد بالمغفرة الحفظ والعصمة أزلاً وأبداً فيكون المعنى ليحفظك الله ويعصمك من الذنب المتقدم والمتأخر فهو تعالى إنما جاء بما تقدم إشارة إلى أنه عليه السلام محفوظ معصوم في اللاحق كما في السابق فاعرفه وفي الفتوحات المكية استغفار الأنبياء لا يكون عن ذنب حقيقة كذنوبنا وإنما هو عن أمر يدق عن عقولنا لأنه لا ذوق لنا في مقامهم فلا يجوز حمل ذنوبهم على ما نتعقله نحن من الذنب انتهى.
ومؤاخذة الله عباده في الدنيا والآخرة تطهير لهم ورحمة وف يحق الأنبياء من جهة العصمة والحفظ والعقاب لا يكون إلا في مذنب والعقوبة تقتضي التأخر عن المتقدم لأنها تأتي عقبه فقد تجد العقوبة الذنب في المحل وقد لا تجده إما بأن يقلع عنه وإما أن يكون الاسم العفو والغفور استوليا عليه بالاسم الرحيم فزال فترجع العقوبة حاسرة ويزول عن المذنب اسم المذنب لأنه لا يسمى مذنباً إلا