ـ وروي ـ من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له واذكر الفاجر بما فيه ليحذره الناس كما في الكواشي وإذا جاز نقص عرض الفاسق بغيبته فأولى أن يجوز نقص عرض الكافر كما في شرح المشارق لابن الملك وسلك بعضهم طريق الاحتياط فطرح عن لسانه ذكر الخلق بالمساوي مطلقاً كما حكي أنه قيل لابن سيرين : مالك لا تقول في الحجاج شيئاً فقال : أقول فيه حتى ينجيه الله بتوحيده ويعذبني باغتيابه ومن هنا أمسك بعضهم عن لعن يزيد وكان فضيل يقول : ما لعنت إبليس قط أي وإن كان ملعوناً في نفس الأمر كما نطق به القرآن فكيف يلعن من اشتبه حاله وحال خاتمته وعاقبته يا اأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَـاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى} أي من آدم وحواء عليهما السلام أو خلقنا كل واحد منكم من أب وأم فالكل سواء في الانتساب إلى ذكر وأنثى أياً كانا فلا وجه للتفاخر بالنسب :
الناس من جهة التمثال اكفاه
ابو همو آدم والام حواء
فان يكن لهمو من أصلهم نسب
يفاخرون به فالطين والماء
از نسب آدمياني كه تفاخر ورزند
ازره دانش وانصاف ه دور افتادند
نرسد فخر كسى رابنسب برد كرى
ونكه دراصل زيك آدم وحوازادند
نزلت حين أمر النبي عليه السلام بلالاً رضي الله عنه ليؤذن بعد فتح مكة فعلا ظهر الكعبة فأذن فقال عتاب بن أسيد وكان من الطلقاء : الحمد الذي قبض أبي حتى لم ير هذا اليوم وقال الحارث بن هشام : أما وجد رسول الله سوى هذا الغراب يعني بلالاً وخرج أبو بكر بن أبي داود في تفسير القرآن أن الآية نزلت في أبي هند حين أمر رسول الله بني بياضة أن يزوجوه امرأة منهم فقالوا : يا رسول الله تتزوج بناتنا مواليها فنزلت وفيه إشارة إلى أن الكفاءة في الحيقة إنما هي بالداينة أي الصلاح والحسب والتقوى والعدالة ولو كان مبتدعاً والمرأة سنية لم يكن كفؤاً لها كما في النتف وسئل الرستغفني عن المناكحة بين أهل السنة وبين أهل الاعتزال فقال : لا يجوز كما في مجمع الفتاوى ﴿وَجَعَلْنَـاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآاـاِلَ﴾ وشمارا شاخ شاخ كرديم وخاندان خانان.
والشعب بفتح الشين الجمع العظيم المنتسبون إلى أصل واحد وهو يجمع القبائل والقبيلة تجمع العمائر والعمارة بكسر العين تجمع البطون والبطون تجمع الأفخاذ والفخذ تجمع الفضائل والفضيلة تجمع العشائر وليس بعد العشيرة حييوصف به كما في كشف الأسرار فخزيمة شعب وكنانة وقبيلة وقريش عمارة وقصى بطن وهاشم فخذوا العباس فضيلة وسميت الشعوب لأن القبائل تتشعب منا كتشعب أغصان الشجرة وسميت القبائل لأنها يقبل بعضها على بعض من حيث كونها من أب واحد وقيل الشعوب بطون العجم والقبائل بطون العرب والأسباط من بني إسرائيل والشعوب من قحطان والقبائل من عدنان ﴿لِتَعَارَفُوا﴾ أصله لتتعارفوا حذفت إحدى التاءين أي ليعرف بعضكم بعضاً بحسب الإنسان فلا يعتزي أحد إلى غير آبائه لا لتتفاخروا بالآباء والقبائل وتدعوا التفاوت
٩٠
والتفاضل في الأنساب.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٦١
وقال الكاشفي : يعني دوكس كه بنام منتحد باشن بقيله متميز ميشوند نانه زيد تميمي از زيد قرشي ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَـاـاكُمْ﴾ تعليل للنهي عن التفاخر بالأنساب المستفاد من الكلام بطريق الاستئناف التحقيقي كأن قيل إن الأكرم عنده تعالى هو الأتقى وإن كان عبداً حبشياً أسود مثل بلال فإن فاخرتم ففاخروا بالتقوى وبفضل الله ورحمته بل بالله تعالى ألا ترى إلى قوله عليه السلام :"أنا سيد ولد آدم ولا فخر" أي ليس الفخر ليس بالسيادة والرسالة بل العبودية فإنها شرف أي شرف وكفى شرفاً تقديم العبد على الرسول في قوله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.


الصفحة التالية
Icon