واعلم أن هذا الخلق الجديد حاصل في الدنيا أيضاً سواء كان في الاعراض أو في الأجسام وهو مذهب الصوفية ومذهب المتكلمين فإنهم جوزوا انتفاء الأجسام في كل آن ومشاهدة بقائها بتجدد الأمثال أي الأجسام الأخر كما جوزوا انتفاء الاعراض في كل آن ومشاهدة بقائها بتجده الأمثال أي الأعراض الأخرى كما أنه جائز في الأعراض التي هي غير قائمة بذواتها كذلك جائز في الجواهر
١١١
التي هي قائمة بذواتها وفي هذا المعنى.
قال في المثنوي :
صورت از معنى و شيراز يشه دان
ياوآ واز وسخن زانديشه دان
اين سخن وآزازاو ازاوا نديشه خواست
توندانى بحر انديشه كجاست
ليك ون موج سخن ديدى لطيف
بحرآن دانى كه باشدهم شريف
ون زدانش موج انديشه بتاخت
از سخن وآوازاو صورت بساحت
از سخن صورت بزاد وبازمرد
موج خودرا باراندر بحر برد
صورت از بى صورتى آمد برون
بازشدكه انا اليه راجعون
س ترا هر لحظه مرك ورجتيست
مصطفى فرمود دنيا ساعتيست
فكر ماتيريست ازهودر هوا
درهواكى ايه آيد تاخدا
هر نفس نومى شود دنيا وما
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٩٩
بى خبر ازنوشدن اندربقا
عمر همون جوى نوتوميرسد
مستمرى مى نمايد درجسد
آن زتيزى مستمر شكل آمدست
ون شرركش تيز نبانى بدست
شاخ آتش را بنبانى بساز
درنظر آتش نما يدس دراز
اين درازى مدت ازتيزى صنع
مى نمايد سرعت انكيزى صنع
قال الإمام الشعراني رضي الله عنه في كتاب الجواهر تقليب العالم واقع في كل نفس من حال إلى حال فلا يثبت على حالة واحدة زمانا فردا لكن التغيير إنما يقع في الصفات لا في الأعيان فلم يزل الحق تعالى خلاقاً على الدوام انتهى ومنه يعرف طواف الكعبة ببعض الرجال واستقبالها لهم كما وقع ذلك لرابعة العدوية رضي الله عنها وغيرها وحقيقة هذا المقام لا تتضح إلا بالكشف التام ومن الله الملك العلام الفيض والإلهام ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الانسَـانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِه نَفْسُهُ﴾ أي ما تحدث به نفسه وهو ما يخطر بالبال والوسوسة الصوت الخفي والخطرة الرديئة ومنه وساوس الحلى وبالفارسية وميدانيم آن يزى راكه وسوسه ميكندمر اورابدان نفس اوار انديشهاى بد.
والضمير لما أن جعلت موصولة والباء كما في صوت بكذا وهمس به يعني أنها صلة أو للإنسان إن جعلت مصدرية والباء للتعدية أي ما تجعله موسوساً فإن النفس تجعل الإنسان قائماً به الوسوسة قال في الكشاف ما مصدرية لأنهم يقولون حدث نفسه بكذا كما يقولون حدثته به نفسه وفيه إشارة إلى أن الله تعالى كما يعلم حال الإنسان قبل خلقه علماً ثبوتياً كذلك يعلمه بعد خلقه علماً فعلياً فيه ما توسوس به نفسه فإنه مخلوق الله أيضاً لا يخفى عليه مخلوقه مطلقاً ودخل فيما توسوس به نفسه شهواته المطلوب لاستيفاؤها وسوء خلقه واعتقاده الفاسد وغير ذلك من أوصاف النفس توسوس بذلك لتشوش عليه قلبه ووقته وفيه دخل آدم عليه السلام فإن الله تعالى خلقه وعلم ما وسوست به نفسه في أكل الشجرة وذلك بإلقاء الشيطان قال بعض الكبار ليس للشيطان على باطن الأنبياء من سبيل فخواطرهم لا حظ للشيطان فيها فهو يأتيهم في ظاهر الحس فقط ولا يعملون بما يقول لهم ثم إن من الأولياء من يحفظ من الشيطان في علم الله تعالى فيكون بهذه المثابة في العصمة مما يلقى لا في العصمة من وصول ذلك إلى قلبه لأن الأولياء ليسوا بمشرعين بخلاف الأنبياء عصمت بواطنهم لكونهم
١١٢
أصحاب الشرائع قال بعض الكبار ما في شخص من بني آدم إلا ويخطر له كل يوم سبعون ألف خاطر لا تزيد ولا تنقص عدد الملائكة الذي يدخلون البيت المعمور كل يوم فما من شخص إلا ويخلق من خواطره كل يوم سبعون ألف ملك ثم يرتفعون إلى جهة البيت المعمور فإذا خرج السبعون ألفاً من البيت المعمور كل يوم يجتمعون بالملائكة المخلوقين من الخواطر فيكون ذكرهم استغفاراً لأصحابهم إلى يوم القيامة ولكن من كان قلبه معموراً بذكر الله دائماً فالملائكة المخلوقون من خواطره يمتازون عن الملائكة الذين خلقوا من خواطر قلب ليس له هذا المقام وسواء كان الخاطر فيما ينبغي أو فيما لا ينبغي فالقلوب كلها من هذا البيت المعمور خلقت فلا تزال معمورة دائماً وكل ملك يتكون من الخاطر يكون صورة صالحة في علم الله لما نظر وإن كان هو في نفسه ملكاً سبح وقد لا يعلم ما خطر ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ﴾ أي إلى الإنسان ﴿مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ ازرك جان وى بوى.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٩٩


الصفحة التالية
Icon