عن تفرقه مفروضة زكاة أو غيرها إن طبع على الشر والإمساك كما أن الكافر طبع على الكفر والعيد طبع على العياد ومناع لجنس الخير أن يصل إلى أهله يحول بينه وبينهم والمنع ضد العطية يقال : رجل مانع ومناع أي بخيل وقد يقال في الحماية ومنه مكان منيع وقيل المراد بالخير الإسلام فإن الآية نزلت في الوليد بن المغيرة لما منع بني أخيه منه وكان يقول : من دخل منكم فيه لم أنفعه بخير ما عشت ﴿مُعْتَدٍ﴾ الاعتداء مجاوزة الحق أي ظالم متخط للحق معاد لأهله ﴿مُّرِيبٍ﴾ شاك في الله وفي دينه فهو صيغة نسبة بمعنى ذي شك وريب أي موقع في الريبة وقبل متهم ﴿الَّذِى جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَـاهًا ءَاخَرَ﴾ مبتدأ متضمن معنى الشرط خبره قوله :﴿فَأَلْقِيَاهُ فِى الْعَذَابِ الشَّدِيدِ﴾ أو بدل من كل كفار وقوله فألقياه تكرير للتوكيد والفاء للاشعار بأن الالقاء للصفات المذكورة وفي الحديث بينما الناس ينتظرون الحساب إذ بعث الله عنقاً من النار يتكلم فيقول : أمرت بثلاثة بمن دعا مع الله إلهاً آخر وبمن قتل بغير حق وبجبار عنيد فيلقطهم من الناس كما يلقط الطير الحب ثم بصيرهم في نار جهنم وفي تفسير الفاتحة للفنارى يخرج عنق من النار أي قبل الحساب والناس وقوف قد ألجمهم العرق واشتد الخوف وتصدعت القلوب لهول المطلع فإذا أشرف على الخلائق له عينان ولسان فصيح يقول يا أهل الموقف إني وكلت منكم بثلاثة وذلك ثلاث مرات إني وكلت بكل جبار عنيد فيلقطهم من بين الصفوف كما يلقط الطائر حب السمسم فإذا لم يترك أحداً منهم في الموقف نادى نداء ثانياً يا أهل الموقف إني وكلت بمن أذى الله ورسوله فيلقطهم كما يلقط الطائر حب السمسم بين الخلائق فإذا لم يترك منهم أحداً نادى ثالثاً يا أهل الموقف إني وكلت بمن ذهب بخلق كخلق الله فيلقط أهل التصاوير وهم الذين يصورون الكنائس لتعبد تلك الصور والذين يصورون الأصنام وهو قوله : أتعبدون ما تنحتون وكانوا ينحتون لهم الأخشاب والأحجار ليعبدوها من دون الله فيلقطهم من بين الصفوف كما يلقط الطائر حب السمسم فإذا أخذهم الله عن آُرهم وبقي الناس وفيهم المصورون الذين لا يقصدون بتصويرهم عباداتها حتى يسألوا عنها لينفخوا فيها أرواحاً تحيي بها وليسوا بنفافخين كما ورد في الخبر في المصورين فيقفون ما شاء الله ينتظرون ما يفعل الله بهم والعرق قد ألجمهم وفي الآية إشارة إلى الهوى والدنيا فمن عبدهما وجعلهما إلهين آخرين مع الله عذب بطلب الدنيا بالحرص والغفلة.
قال العطار قدس سره :
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٩٩
شم كرسنه سير زنعمت نمى شود
غربال را زكثرت حاصل ه فائده
﴿قَالَ قَرِينُهُ﴾ بغير واو لأن الأول خطاب للإنسان من قرينه ومتصل بكلامه والثاني استئناف خاطب الله سبحانه من غير اتصال بالمخاطب وهو قوله ربنا ما أطغيته وكذلك الجواب بغير واو وهو قال لا تختصموا لدى وكذلك ما يبدل القول لدي فجاء الكل على نسق واحد كما في برهان القرآن أي قال الشيطان المقيض للكافر.
قال الكاشفي : ون خواهندكه كافر را در دوزخ افكنند كويد مراه كناهست كه ديوبرمن مسلط بود ومراكمراه كردانيد دبورا حاضر سازند تكذيب ميكند.
ودل على هذا التقاول والسؤال المحذوف قوله لا تختصموا ﴿رَبَّنَا﴾ أي بروكارما ﴿مَآ أَطْغَيْتُهُ﴾ أي ما جعلته طاغياً وما أوقعته في الطغيان
١٢٤


الصفحة التالية
Icon