وجد يوسف هذه العناية وهذا الاهتمام، ووجد منها هذا الحنان وهذا العطف الذي حرم منه زمنا منذ أن فقد حنان الأمومة، ثم عطف الأب بسبب غدر إخوته، فتعلق بها وجعلها مثل أمه التي فقدها من قبل.
وأصبح يوسف متمكنا في بلاط العزيز، وأصبحت امرأة العزيز لا ترفض له طلبا، وهذه هي بداية تمكين يوسف في أرض مصر.
؟ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ ؟: وعندما يقول الله ؟ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا ؟ فإنه أمر واقع لا محالة وإن كان سيحدث في المستقبل، من وصول يوسف إلي أعلى مراتب الحكم، بالرغم من المواقف التي سيتعرض لها في حياته، كما يقول تعالى في سورة النحل : ؟ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ؟ النحل ١
؟ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأحَادِيثِ ؟: تأويل الأحاديث هنا كما تقول كتب التفسير: هو تعبير الرؤيا، وهى نعمة من الله يخص بها بعضا من عباده.
ولقد خص الله بها نبيه يعقوب، وورثها ابنه سيدنا يوسف عليهما السلام، وكذا أبناؤه، والدليل على هذا، هو تحذيره لسيدنا ليوسف عندما رأى رؤيته : ؟ قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ للإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ؟ يوسف ٥.
وهذا يؤكد أن أبناء يعقوب كانوا يعرفون تعبير الرؤيا أيضا، ولكن يوسف يختلف عن إخوته في أن الله أورثه النبوة عن أبيه.
ولكن تأويل الأحاديث، في هذه الآية كما أفهمها، وقد أكون مصيبا في فهمي هذا أو أكون مخطئا:
هو فهم معاني لغة أهل مصر الفرعونية، لأن لغته الأصلية هي اللغة العبرانية، وهو كان صغيرا ولا يجيد غيرها لغة.
وسيسألني سائل ما دليلك على هذا، أقول له: لو أنه تعلم تعبير الرؤيا في مصر، لكان أولى بمن علموه، أن يعبروا رؤيا الملك.