وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله جل ثناؤه أخبر عن هم يوسف وامرأة العزيز كل واحد منهما بصاحبه، لولا أن رأى يوسف برهان ربه، وذلك أية من آيات الله، زجرته عن ركوب ما هم به يوسف من الفاحشة. وجائز أن تكون تلك الآية صورة يعقوب.
وجائز أن تكون صورة الملك.
وجائز أن يكون الوعيد في الآيات التي ذكرها الله في القرآن على الزنا.
ولا حجة للعذر قاطعة بأي ذلك من أي.
والصواب أن يقال في ذلك ما قاله الله تبارك وتعالى، والإيمان به، وترك ما عدا ذلك إلي عالمه
وقوله: ؟ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء ؟ يقول تعالى ذكره: كما أرينا يوسف برهاننا على الزجر عما هم به من الفاحشة، كذلك نسبب له عليه وإتيان الزنا، لنطهره من دنس ذلك.
وقوله: ؟ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ؟ اختلف القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدينة والكوفة: ؟ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ؟ بفتح اللام من "المخلصين"، بتأويل: إن يوسف من عبادنا الذين أخلصناهم لأنفسنا واخترناهم لنبوتنا ورسالتنا وقرأ ذلك بعض قراء البصرة: ؟ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ؟ بكسر اللام، بمعنى: أن يوسف من عبادنا الذين أخلصوا توحيدنا وعبادتنا، فلم يشركوا بنا شيئا، ولم يعبدوا شيئا غيرنا في كل ما عرض له من هم يهم به فيما لا يرضاه ما يزجره ويدفعه عنه ؛ كي نصرف عنه ركوب ما حرمنا.
القرطبي: