قال القشيري أبو نصر: وقال قوم جرى من يوسف هم، وكان ذلك الهم حركة طبع من غير تصميم للعقد على الفعل ؛ وما كان من هذا القبيل لا يؤخذ به العبد، وقد يخطر بقلب المرء وهو صائم شرب الماء البارد ؛ وتناول الطعام اللذيذ ؛ فإذا لم يأكل ولم يشرب، ولم يصمم عزمه على الأكل والشرب لا يؤاخذ بما هجس في النفس ؛ والبرهان صرفه عن هذا الهم حتى لم يصر عزما مصمما.
قوله تعالى: ؟ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء ؟ الكاف من؟ كَذَلِكَ ؟ يجوز أن تكون رفعا، بأن يكون خبر ابتداء محذوف، التقدير.: البراهين كذلك، ويكون نعتا لمصدر محذوف ؛ أي أريناه البراهين رؤية كذلك.
و السُّوءَ: الشهوة وَالْفَحْشَاء: المباشرة.
وقيل: السُّوءَ ؛ الثناء القبيح، والْفَحْشَاء؛ الزنا.
وقيل: السُّوءَ ؛ خيانة صاحبه، والْفَحْشَاء ركوب الفاحشة.
وقيل: السُّوءَ ؛عقوبة الملك العزيز.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ؟ الْمُخْلَصِينَ ؟ بكسر اللام ؛ وتأويلها الذين أخلصوا طاعة الله.
وقرأ الباقون بفتح اللام، وتأويلها: الذين أخلصهم الله لرسالته ؛ وقد كان يوسف ﷺ بهاتين الصفتين ؛ لأنه كان مخلصا في طاعة الله تعالى، مستخلصا لرسالة الله تعالى.
ابن كثير:
لم يزد ابن كثير في ما قاله الطبري أو القرطبي إلا أنه قال:
الصواب أن يقال أنه رأى أية من آيات الله تزجره عما كان هم به وجائز أن يكون صورة يعقوب وجائز أن يكون صورة الملك وجائز أن يكون ما رآه مكتوبا من الزجر عن ذلك ولا حجه قاطعة على تعيين شيء من ذلك فالصواب أن يطلق كما قال الله تعالى.
وقوله ؟ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء ؟: أي كما أريناه برهانا صرفه عما كان فيه كذلك نقيه السوء والفحشاء في جميع أموره ؟إنه من عبادنا المخلصين؟ أي من المجتبين المطهرين المختارين المصطفين الأخيار صلوات الله وسلامه عليه.............. انتهى