ووجه كلامه إلي من اتهم عنده، ومن يهمه الأمر، ولم يلتفت إلي المرأة، لأنها ابتدأت الحديث بالكذب، فلم يوبخها، أو يؤنبها، أو يكذبها، ولم يقسم بأنه لم يفعل هذا الأمر ولكنه أوجز في الحديث ؟ قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي ؟
صمت العزيز ولم يتكلم، إنه في موقف صعب، هناك تعارض في القول، فكلا الطرفين عزيز عنده.
المرأة: زوجته.
ويوسف هو من رباه ويعرف أخلاقه.
وكلاهما قريب من نفسه، فماذا يفعل ؟
إن صدق زوجته في اتهامها ليوسف، وأصدر حكمه كما أمرت زوجته، ثم تظهر براءة يوسف بعد ذلك فقد يندم على حكمه الظالم، ولكن الموقف الذي رآه فيه شك من كلام زوجته.
وإن صدق يوسف في دفاعه عن نفسه، قد تكون زوجته صادقة في اتهامها.
؟ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا ؟: فكان لابد من عرض الأمر على شخص قريب منه، على درجة عالية من الحكمة والعقل، ويزن الأمور بميزان الحق والعدل ويطمئن إلي حكمه.
ليس هذا فحسب ولكن يجب أن يكون قريبا لزوجته أيضا، أي من أهلها، لأنه سيكتم فضيحتها إن كانت هي المخطئة، وإن كان يوسف هو المخطىء فسوف يحكم عليه وينتهي الأمر.
تم عرض الأمر على الشاهد أو من سيعطى حكمه في هذه القضية.
فماذا قال الرجل: ؟ إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ ؟.
أي أن القميص الذي يرتديه إن كان قطع من الأمام، فإنها تكون صادقة في كلامها، لأنه في هذه الحالة تكون المواجهة، ويكون هو مقبلا عليها ومحاولا الاعتداء عليها، وتكون هي مدافعة عن نفسها، فتدفعه عنها، فيقطع القميص من الإمام، ويكون هو كاذبا في هذه الحالة.
صرف السوء
؟ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ ؟ يوسف ٢٦
الشعراوي:


الصفحة التالية
Icon