وجد العزيز نفسه أمام موقف يجب أن ينسى، ولا يذكر مرة أخرى، وإلا سينتشر الأمر، وستكون فتنة، وتلوك الألسن سيرة زوجته، وسيرته وقد يفقد منصبه جراء ذلك، فأراد أن تموت هذه الفتنة في مهدها، وليحمى سمعته من القيل والقال، بحيث تكون الأمور طبيعية، وهذا من طبيعة علية القوم دائما.
من هنا اتخذ العزيز موقفه لكي لا يفتضح بيته، فقال ليوسف بصيغة الأمر:
؟ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا ؟: أي عليك يا يوسف أن تنسى هذا الأمر نهائيا ولا تحدث به أحد.
ثم وجه حديثه لامرأته موبخا إياها : ؟ وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ ؟: أي اطلبي الصفح والعفو والغفران لأنك أذنبت ذنبا شديدا.
لأنه ما كان لك وأنت امرأة العزيز أن تقعي في مثل ما تقع فيه سائر النساء.
مكر النسوة
؟ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ؟ يوسف ٣٠
الطبري:
يقول تعالى ذكره: وتحدث النساء بأمر يوسف وأمر امرأة العزيز في مدينة مصر، وشاع من أمرهما فيها ما كان، فلم يتكتم، وقلن: امرأة العزيز تراود فتاها، عبدها، عن نفسه:
وقوله: ؟ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً ؟ يقول قد وصل حب يوسف إلي شغاف قلبها، فدخل تحته حتى غلب على قلبها. وشغاف القلب: حجابه وغلافه الذي هو فيه
وقوله: ؟ إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ؟ قلن: إنا لنرى امرأة العزيز في مراودتها فتاها عن نفسه وغلبة حبه عليها لفي خطأ من الفعل وجور عن قصد السبيل مبين لمن تأمله وعلمه أنه ضلال وخطأ غير صواب ولا سداد وإنما كان قولهن ما قلن من ذلك وتحدثهن بما تحدثن به من شأنها وشأن يوسف مكرا منهن فيما ذكر لتريهن يوسف.
القرطبي:


الصفحة التالية
Icon