قوله تعالى: ؟ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ؟ أي فذهب الرسول فأخبر الملك، فقال: ائتوني به. ؟ فَلَمَّا جَاءهُ الرَّسُولُ ؟ أي يأمره بالخروج. ؟ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ ؟ أي حال النسوة. ؟ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ ؟ ذكر النساء جملة ليدخل فيهن امرأة العزيز مدخل العموم بالتلويح حتى لا يقع عليها تصريح ؛ وذلك حسن عشرة وأدب ؛ وفي الكلام محذوف، أي فاسأله أن يتعرف ما بال النسوة. ؟ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ؟ فأبى أن يخرج إلا أن تصح براءته عند الملك مما قذف به، وأنه حبس بلا جرم. ٠٠ وروى البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يرحم الله لوطا لقد كان يأوي إلي ركن شديد ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي ونحن أحق من إبراهيم إذ قال له ؟أو لم تؤمن قال بلى ولكني ليطمئن قلبي؟ [البقرة: ٢٦٠] قال ابن عطية: كان هذا الفعل من يوسف عليه السلام أناة وصبرا، وطلبا لبراءة الساحة ؛ وذلك أنه - فيما روي - خشي أن يخرج وينال من الملك مرتبة ويسكت عن أمر ذنبه صفحا فيراه الناس بتلك العين أبدا ويقولون: هذا الذي راود امرأة مولاه ؛ فأراد يوسف عليه السلام أن يبين براءته، ويحقق منزلته من العفة والخير؛ وحينئذ يخرج للأحظاء والمنزلة؛ فلهذا قال للرسول: ارجع إلي ربك وقل له ما بال النسوة، ومقصد يوسف عليه السلام إنما كان: وقل له يستقصي عن ذنبي، وينظر في أمري هل سجنت بحق أو بظلم.
ابن كثير:


الصفحة التالية
Icon