قول تعالى إخبارا عن الملك لما رجعوا إليه بتعبير رؤياه التي كان رآها بما أعجبه وأيقنه فعرف فضل يوسف عليه السلام وعلمه وحسن إطلاعه على رؤياه وحسن أخلاقه على من ببلده من رعاياه فقال ؟ ائْتُونِي بِهِ ؟ أي أخرجوه من السجن وأحضروه فلما جاءه الرسول بذلك امتنع من الخروج حتى يتحقق الملك ورعيته براءة ساحته ونزاهة عرضه مما نسب إليه من جهة امرأة العزيز وأن هذا السجن لم يكن على أمر يقتضيه بل كان ظلما وعدوانا ؟ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ ؟الآية وقد وردت السنة بمدحه على ذلك والتنبيه على فضله وشرفه وعلو قدره وصبره صلوات الله وسلامه عليه.
الشعراوي :
وهكذا حرص يوسف على ألا يستجيب لمن جاء يخلصه من عذاب السجن الذي هو فيه، إلا إذا برأت ساحته براءة يعرفها الملك.
وأراد يوسف عليه السلام بذلك أن يحقق الملك في ذلك الأمر مع هؤلاء النسوة اللاتي قطعن أيديهن ؛ ودعونه إلى الفحشاء، واكتفى يوسف بالإشارة إلى ذلك بقوله؟ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ؟.
ويخفى هذا القول في طياته ما قالته النسوة من قبل ليوسف بضرورة طاعة امرأة العزيز في طلبها للفحشاء.
وهكذا نجد القصص القرأنى وهو يعطينا العبرة التي تخدمنا في واقع الحياة، فليست تلك القصص للتسلية ؛ بل هي للعبرة التي تخدمنا في قضايا الحياة.
وبراءة ساحة أي إنسان هو أمر مهم كي تزول أي ريبة من الإنسان قبل أن يسند إليه أي عمل.
ونقول وبالله التوفيق:
هنا نجد أن الخطاب قد اختلف، فيما سبق كان الحديث عن العزيز، أما هنا فالحديث عن الملك.
؟ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ؟: هذا كان طلب بصيغة الأمر من الملك بأن يأتوا بيوسف.
ذهب الرسول إلى يوسف في السجن وأخبره أن الملك يريده، في هذه اللحظة وجد يوسف ضالته ليبرئ ساحته من محاولة فعل الفاحشة، ولم يتعجل الخروج من السجن.
ولو كان أحد أخر من البشر لخرج مسرعا وما لبث فيه لحظة واحدة، ثم بعد ذلك يقص على الملك قصته.