قال ابن عباس: فأرسل الملك إلي النسوة وإلي امرأة العزيز - وكان قد مات العزيز فدعاهن فـ؟ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ ؟ أي ما شأنكن. ؟ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ ؟ وذلك أن كل واحدة منهن كلمت يوسف في حق نفسها، على ما تقدم، أو أراد قول كل واحدة قد ظلمت امرأة العزيز، فكان ذلك مراودة منهن. ؟ قُلْنَ حَاشَ لِلّهِ ؟ أي معاذ الله. ؟ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ ؟ أي زنى. ؟ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ ؟ لما رأت إقرارهن ببراءة يوسف، وخافت أن يشهدن عليها إن أنكرت أقرت هي أيضا ؛ وكان ذلك لطفا من الله بيوسف. و؟ حَصْحَصَ الْحَقُّ ؟ أي تبين وظهر؛ وأصله حصص،
؛ فمعنى؟ حَصْحَصَ الْحَقُّ ؟ أي انقطع عن الباطل، بظهوره وثباته
وقيل: هو مشتق من الحصة؛ فالمعنى: بانت حصة الحق من حصة الباطل. وقال مجاهد وقتادة: وأصله مأخوذ من قولهم ؛ حص شعره إذا استأصل قطعه ؛ ومنه الحصة من الأرض إذا قطعت منها. والحصحص بالكسر التراب والحجارة؛ ذكره الجوهري.
؟ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ؟ وهذا القول منها - وإن لم يكن سأل عنه - إظهار لتوبتها وتحقيق لصدق يوسف وكرامته ؛ لأن إقرار المقر على نفسه أقوى من الشهادة عليه ؛ فجمع الله تعالى ليوسف لإظهار صدقه الشهادة والإقرار، حتى لا يخامر نفسا ظن، ولا يخالطها شك. وشددت النون في " خَطْبُكُنَّ " و" رَاوَدتُّنَّ " لأنها بمنزلة الميم والواو في المذكر.
ابن كثير: