قوله تعالى: ؟ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ؟ لما ثبت للملك براءته مما نسب إليه ؛ وتحقق في القصة أمانته، وفهم أيضا صبره وجلده عظمت منزلته عنده، وتيقن حسن خلال قال: ؟ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ؟ فانظر إلى قول الملك أولا - حين تحقق علمه - ؟ ائْتُونِي بِهِ ؟ فقط، فلما فعل يوسف ما فعل ثانيا قال: "ائتوني به استخلصه لنفسي" وروي عن وهب بن منبه قال: لما دعي يوسف وقف بالباب فقال: حسبي ربي من خلقه، عز جاره وجل ثناؤه ولا إله غيره. ثم دخل فلما نظر إليه الملك نزل عن سريره فخر له ساجدا؛ ثم أقعده الملك معه على سريره فقال. ؟ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ ؟ قال له يوسف ؟ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ؟ [يوسف: ٥٥]
_قوله تعالى: ؟ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ؟جزم لأنه جواب الأمر؛ وهذا يدل على أن قوله: ؟ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ ؟ جرى في السجن. ويحتمل أنه جرى عند الملك ثم قال في مجلس آخر: ؟ ائْتُونِي بِهِ ؟ [يوسف: ٥٠]
؟ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ؟ أي اجعله خالصا لنفسي، أفوض إليه أمر مملكتي ؛ فذهبوا فجاءوا به ؛ ودل على هذا قوله: ؟ فَلَمَّا كَلَّمَهُ ؟ أي كلم الملك يوسف، وسأله عن الرؤيا فأجاب يوسف ؛ ؟ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ ؟ "قال" الملك: ؟ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ ؟ أي متمكن نافذ القول، "أمين" لا تخاف غدرا.
ابن كثير: