يقول تعالى إخبارا عن الملك حين تحقق براءة يوسف عليه السلام ونزاهة عرضه مما نسب إليه قال ؟ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ؟ أي أجعله من خاصتي وأهل مشورتي ؟ فَلَمَّا كَلَّمَهُ ؟ أي خاطبه الملك وعرفه رأى فضله وبراعته وعلم ما هو عليه من خلق وخلق وكمال قال له الملك ؟ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ ؟ أي إنك عندنا قد بقيت ذا مكانه وأمانه.
الشعراوي :
ونلحظ أن الملك قد قال؟ ائْتُونِي بِهِ ؟ مرتين ؛ مرة بعد أن سمع تأويل الرؤيا، لكن يوسف رفض الخروج من السجن إلا بعد أن تثبت براءته، أوانه خرج وحضر المواجهة مع النسوة بما فيهن امرأة العزيز، ورأى الملك في يوسف أخلاقا رفيعة، وسعة علم
وانتهى اللقاء الأول ليتدبر الملك، ويفكر في صفات هذا الرجل، والراحة النفسية التي ملأت نفس الملك، وكيف دخل هذا الرجل قلبه.
والمرة الثانية عندما أراد الملك أن يستخلصه لنفسه ويجعله مستشارا له.
ويورد الحق سبحانه هذا المعنى فى قوله : ؟ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ ؟
وهذا الاستخلاص قد جاء بعد أن تكلم الملك مع يوسف ؛ وبعد أن استشف خفة يوسف على نفسه ؛ وتيقن الملك من بعد الحوار مع يوسف أنه رجل قد حفظ نفسه من أعنف الغرائز ؛ غريزة الجنس.
وتيقن من أن يوسف تقبل السجن ؛ وعاش فيه فترة طالت ؛ وهو صاحب علم وقد ثبت ذلك بتأويل الرؤيا وقد فعل ذلك وهو سجين ولم يقبل الخروج من السجن إلا لإثبات براءته أو بعد إثبات البراءة.
ولكل ذلك صار من أهل الثقة عند الملك الذي أعلن الأمر بقوله: ؟ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ ؟ وذلك ليسد باب الوشاية به ؛ أو التآمر عليه ومكانة المكين هي المكانة التي لا ينال منها أحد.


الصفحة التالية
Icon