فالمعنى أن يوسف عليه السلام أهل للثقة عند الحاكم وهو الذي سينفذ الأمور ؛ وله صلة بالمحكومين ؛ وإذا كان هو الممكن من عند الحاكم ؛ فهو أيضا أمين مع المحكومين........ انتهى.
ونقول وبالله التوفيق:
ظهرت براءة يوسف أمام الملك وعرف الجميع أنه قد سجن ظلما في جريمة لم يفعلها ولم يسع إليها ولم يفكر فيها وهذا من فضل الله على عباده الذين اصطفى.
أمر الملك بأن يأتوا بيوسف ليجعله خالصا له بحيث لا يكون لأحد غيره سلطان عليه لأنه حكم عليه حكم أولى من خلال أفعاله وظهور براءته وأيضا تعبير الرؤيا، فلم يبق أمام الملك إلا حكم أخير.
جلس يوسف إلى الملك وبدأ الملك يكلمه.
وهنا تظهر الحكمة في الكلام المباشر بين البشر.
لأنك إذا أردت أن تعرف إنسانا وتحكم على شخصيته، وعلى علمه، وحكمته، وخلقه، وأدبه فإن الحكم لا يأتي إلا بعد التكلم معه، وذلك لأن كل إناء ينضح بما فيه.
ولأن كل منا صندوق مغلق، لا يظهر ما فيه إلا عند الكلام والتحدث مع الآخرين فهنا يظهر الحكم الحقيقي.
ومن هنا يعلمنا ربنا ألا نغتر بالمظاهر الخادعة فيقول رسول الله ﷺ في حديثه الشريف( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ ) مسند الإمام أحمد
من هنا وجد الملك أن يوسف يتصف بصفات جليلة تجعله أمينا عنده منها:
علمه بتأويل الأحاديث -- نزاهته وحرصه على إظهار براءته -- تأنيه في الأمور -- صموده وترفعه عن الخطايا -- صدق الحديث -- أدبه.
مما سبق نجد أن رؤية الملك في يوسف قد تبلورت واكتملت من خلال ثلاث مواقف مكملة بعضها ببعض.
الموقف الأول: