صفحة رقم ٣٨
وأكفأت قدورهم ونزعت أوتادهم، ونسفت التراب في وجوههم، وجالت الدواب
بعضها في بعض، وسمعوا تكبير الملائكة في نواحي عسكرهم فرعبوا، فقال طليحة بن
خويلد الأسدي : إن محمداً قد بدأكم بالشر، فالنجاة النجاة، فنادى رئيس كل قوم
بالرحيل، فانهزموا ليلاً بما استخفوا من أمتعتهم، ورفضوا بعضها لا يبصرون شيئاً من
شدة الريح والظلمة، فانهزموا فذلك قوله عز وجل :( ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال ( بالريح والملائكة ) وكان الله قوياً
عزيزاً [ الأحزاب : ٢٥ ] يعني منيعاً في ملكه حين هزمهم.
الأحزاب :( ١٢ ) وإذ يقول المنافقون.....
) وإذ يقول المنفقون ( منهم أوس بن قيظى، ومعتب بن قشير الأنصاري ) والذين
في قلوبهم مرضٌ ( يعني الشك ) ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً ) [ آية : ١٢ ] وذلك أن
النبي ( ﷺ ) لما بلغه إقبال المشركين من مكة أمر فحفر كل بني أب على حدة، وصار
سلمان الفارسي في بني هاشم، فأتى سلمان على صخرة، فلم يستطع قلعها، فأخذ النبي
( ﷺ ) المعول من سلمان، فضرب به ثلاث ضربات، فانصدع الحجر، وسطع نور من
الحجر كأنه البرق، فقال سلمان : يا رسول الله، لقد رأيت من الحجر أمراً عجيباً وأنت
تضربه، فقال النبي ( ﷺ ) :' وهل رأيت ' ؟ قال : نعم، قال النبي ( ﷺ ) :' رأيت الضربة الأولى
قوى اليمن، وفي الضربة الثانية أبيض المدائن، وفي الضربة الثالث مدائن الروم، ولقد
أوحى الله عز وجل إلى بأنه يفتحهن على أمتي '، فاستبشر المؤمنون، وفشا ذلك في
المسلمين، فلما رأوا شدة القتال، والحصر ارتاب المنافقون، فأساءوا القول.
قال معتب بن قشير بن عدي الأنصاري من الأوس من بني عمرو بن عوف : يعدنا
محمد فتح قصور اليمن، وفارس، والروم، ولا يستطيع أحدنا أن يبرز إلى الجلاء حتى
يوضع فيه سهم هذا، والله الغرور من قول ابن عبد المطلب، وتابعه على ذلك نفر، فأنزل
الله تعالى ) وإذ يقول المنفقون والذين في قلوبهم مرضٌ ( يعني كفراً ) ما وعدنا الله وسوله
إلا غروراً (.
قال معتب بن قشير :
إن الذي يقول لهو الغرور، ولم يقل إن الذي وعدنا الله ورسوله
غروراً، لأنه لا يصدق بأن محمداً ( ﷺ ) رسول، فيصدقه، فقال الله تعالى عن الذي قال محمد
هو ما وعد الله، وهو قول الله عز وجل، فأكذب الله معتباً.
الأحزاب :( ١٣ ) وإذ قالت طائفة.....
) وإذ قالت طائفةٌ منهم ( من المنافقين من بني سالم ) يأهل يثرب لا مقام لكم (


الصفحة التالية
Icon