وقال أيضاً القيام المذكور في الآية ليس المراد به انتصاب القامة، بل المراد به فعل المأمور به، وأن يكون على وجه الطاعة لله، والإمتثال لأمره، فإن الرجل يقوم بأشياء ويكون هو قائم بأمر على وجه الطاعة تارة، وعلى وجه المعصية أخرى فأمروا أن يقوموا لله بما أمرهم به حال كونهم طائعين... ويحتمل أن يكون المراد بالقيام لله في الآية الصلاة بخصوصها(١)، ويكون المعنى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ بالصلاة قانتين فيها ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً﴾ فإن قوله: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ قد ذكرت الصلاة قبله وبعده، فكان الظاهر إرادة الصلاة هنا بخصوصها، وأما إرادة القيام في الصلاة بمجرده من هذه الآية فغير ظاهر(٢).

(١) ذكر هذا القول أبو حيان في البحر المحيط (٢/٢٥١) والأقوال في معنى ((قانتين)) كثيرة جداً، انظرها في التفسير الكبير (٦/١٣٠، ١٣١)، والجامع لأحكام القرآن (٣/٢١٣، ٢١٤)، والبحر المحيط (٢/٢٥١) وأشهرها قولان: ١- القنوت الطاعة. ٢- القنوت السكوت. قال أبو جعفر النحاس بعد أن ذكر القولين :"هذان القولان يرجعان إلى شيء واحد؛ لأن السكوت في الصلاة طاعة" عاني القرآن الكريم (١/٢٤٠).
(٢) التنبيه على مشكلات الهداية، ص (١٦٦) تحقيق عبد الحكيم. وهذا التفسير ذكره عندما رد على صاحب الهداية في احتجاجه بالآية على فرضية القيام في الصلاة المفروضة.


الصفحة التالية
Icon