وأما ((الكرسي))… [ف](١) قد قيل: هو العرش(٢)، والصحيح أنه غيره، نُقل ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره. روى ابن أبي شيبة في كتاب صفة العرش، والحاكم في مستدركه وقال: إنه على شرط الشيخين ولم يخرجاه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، في قوله تعالى: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ﴾ أنه قال: "لكرسي موضع القدمين، والعرش لا يقدر قَدْرَه إلا الله تعالى". وقد رُوي مرفوعاً(٣)، والصواب أنه موقوف على ابن عباس. وقال السدي: "لسماوات والأرض في جوف الكرسي، والكرسي بين يدي العرش"(٤). وقال ابن جرير: قال: أبو ذر رضي الله عنه: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد أُلقيت بين ظهري فلاة من الأرض"(٥). وقيل

(١) ما بين المعكوفين زيادة من عندي ليستقيم الكلام، وانظر نظام كلام المؤلف في شرح العقيدة الطحاوية ص (٣٦٨).
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره (٥/٣٩٩) من طريق جويبر، عن الحسن. وهي طريق لا تقوم بها حجة؛ لضعف جويبر. انظر تقريب التهذيب رقم (٩٨٧).
(٣) قال الدارقطني في كتاب النزول، ص (٤٩): رفعه شجاع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يرفعه الرمادي. وقال الحافظ ابن حجر في التقريب، ص (٢٦٤)، عندما ترجم لشجاع: "صدوق وهم في حديث واحد رفعه، وهو موقوف، فذكره بسببه العقيلي" قلت: يعني في كتابه ((ضعفاء الرجال)). وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره، ص (١/٣١٠): "أورد هذا الحديث الحافظ أبو بكر ابن مردويه من طريق شجاع بن مخلد الفلاسي، فذكره، وهو غلط". يعني - رحمه الله - رفعه غلط.
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان (٥/٣٩٨) من طريق أسباط عن السدي. قال الحافظ ابن حجر: "أسباط بن نصر الهمداني … صدوق كثير الخطأ يُغرب" التقريب رقم (٣٢١). قلت: ولا يخفى عليك أنه من رجال صحيح مسلم.
(٥) جامع البيان (٥/٣٩٩) من طريق ابن زيد، عن أبيه قال: قال أبو ذر. فذكره. وعبد الرحمن بن زيد ضعيف. انظر التقريب رقم (٣٨٦٥).


الصفحة التالية
Icon