... قوله تعالى: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾(١) كيف قال: ﴿وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ ولم يقل (وأطيعوا أولي الأمر منكم) ؟؛ لأن أولي الأمر لا يفردون بالطاعة، بل يطاعون فيما هو طاعة لله ورسوله، وأعاد الفعل مع الرسول؛ لأنه من يطع الرسول فقد أطاع الله، فإن الرسول لا يأمر بغير طاعة الله، بل هو معصوم في ذلك، وأما ولي الأمر، فقد يأمر بغير طاعة الله فلا يطاع إلا فيما هو طاعة لله ورسوله(٢).
قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ والمراد بالرد إلى الله الرد إلى كتابه، وبالرد إلى الرسول الرد إليه في حياته، وإلى سنته بعد وفاته(٣).
... قال تعالى: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾(٤) أقسم سبحانه بنفسه أنهم لا يؤمنون حتى يُحكِّموا نبيه، ويرضوا بحكمه، ويسلموا تسليماً(٥).

(١) سورة النساء، الآية: ٥٩.
(٢) شرح العقيدة الطحاوية، ص (٥٤٢، ٥٤٣) وهذه النكتة التي ذكرها في عدم إعادة العامل مع أولي الأمر ذكر نحوها الطيبي في فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (١/١٢٨) ونقلها عنه القاسمي في محاسن التأويل (٢/٣٦١) ونحو هذا من النكتة في عدم إعادة العامل مع أولي الأمر قال أيضاً برهان الدين البقاعي في نظم الدرر (٥/٣١٠).
(٣) التنبيه على مشكلات الهداية، ص (٥٤٤، ٥٤٥) (تحقيق أنور)، والاتباع، ص (٣١) وهذا التفسير قاله الطبري في جامع البيان (٨/٥٠٤، ٥٠٥) وأسنده إلى بعض التابعين.
(٤) سورة النساء، الآية: ٦٥.
(٥) شرح العقيدة الطحاوية، ص (٢٤٢)، ومعنى ما قال المؤلف هنا في كثير من كتب التفسير، منها تفسير القرآن العظيم (١/٥٢١)، والجواهر الحسان (١/٤٦١)، وبدائع التفسير (٢/٣٢).


الصفحة التالية
Icon