... قال تعالى: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُل كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾(١)... فإن قيل: كيف الجمع بين قوله: ﴿كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾، وبين قوله: ﴿فَمِنْ نَفْسِكَ﴾ ؟. قيل: قوله: ﴿كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ الخِصب والجدب، والنصر والهزيمة، كلها من عند الله، وقوله: ﴿فَمِنْ نَفْسِكَ﴾: أي ما أصابك من سيئة من الله فبذنب نفسك عقوبة لك، كما قال: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾(٢) يدل على ذلك ما رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه قرأ: "وما أصابك من سيئة فمن نفسك، و أنا كتبتها عليك"(٣). والمراد بالحسنة - هنا - النعمة، وبالسيئة البلية(٤)، في أصح الأقوال.
(٢) سورة الشورى، الآية ٣٠.
(٣) انظر معالم التنزيل (١/٤٥٤، ٤٥٥) فهو نقل البغوي بحروفه، إلا بعض الكلمات فالمؤلف أخذه منه، أو أخذه ممن أخذه منه. وأثر ابن عباس أخرجه البغوي في معالم التنزيل ١/٤٥٥، من طريق مجاهد عن ابن عباس. وفي سنده مسلم بن خالد الزنجي فقيه صدوق كثير الأوهام. انظر التقريب الترجمة رقم (٦٦٢٥). وأورد الأثر السيوطي في الدر المنثور (١/١٨٥)، ونسب إخراجه لابن المنذر. وأورده أيضاً عن مجاهد، قال: هي في قراءة أُبي بن كعب وعبد الله بن مسعود، ونسب إخراجه لابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف. ولا تصح هذه الرواية؛ لأن مجاهداً لم يدرك أبياً ولا ابن مسعود.
(٤) انظر النكت والعيون (١/٥٠٨) فقد أورد هذا القول الماوردي، ونسبه لبعض البصريين.