قوله تعالى ليغفر لنا يعنون الشرك وما أكرهتنا عليه أي والذي أكرهتنا عليه أي ويغفر لنا إكراهك إيانا على السحر
فان قيل كيف قالوا أكرهتنا وقد قالوا أإن لنا لأجرا وفي هذا دليل على أنهم فعلوا السحر غير مكرهين فعنه أربعة أجوبة
أحدها أن فرعون كان يكره الناس على تعلم السحر قال ابن عباس قال ابن الأنباري كان يطالب بعض أهل مملكته بأن يعلموا أولادهم السحر وهم لذلك كارهون وذلك لشغفه بالسحر ولما خامر قلبه من خوف موسى فالإكراه على السحر هو الإكراه على تعلمه في أول الأمر
والثاني أن السحرة لما شاهدوا موسى بعد قولهم أئن لنا لأجرا ورأوا ذكره الله تعالى وسلوكه منهاج المتقين جزعوا من ملاقاته بالسحر وحذروا أن يظهر عليهم فيطلع على الضعف صناعتهم فتفسد معيشتهم فلم يقنع فرعون منهم الا بمعارضة موسى فكان هذا هو الإكراه على السحر
والثالث أنهم خافوا أن يغلبوا في ذلك الجمع فيقدح ذلك في صنعتهم عند الملوك والسوق وأكرههم فرعون على فعل السحر
والرابع أن فرعون أكرههم على مفارقة أوطانهم وكان سبب ذلك السحر ذكره هذه الأقوال ابن الأنباري
قوله تعالى والله خير أي خير منك ثوابا إذا أطبع وأبقى عقابا إذا عصي وهذا جواب قوله ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى وهذا آخر الإخبار عن السحرة
إنه من يأت ربه مجرما فان له جهنم لا يموت فيها