ومن الصغائر أيضا شهوة المحرمات وتمنيها وتفاوت درجات الشهوة في الكبر والصغر بحسب تفاوت درجات المشتهي فشهوة الكفر والشرك كفر وشهوة البدعة فسق وشهوة الكبائر معصية فإن تركها لله مع قدرته عليها أثيب وإن تركها عجزا بعد بذله مقدوره في تحصيلها استحق عقوبة الفاعل لتنزيله منزلته في أحكام الثواب والعقاب وإن لم ينزل منزلته في أحكام الشرع ؛ ولهذا قال النبي ﷺ : إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار قالوا هذا القاتل يا رسول الله فما بال المقتول ؟ قال : إنه كان حريصا على قتل صاحبه فنزله منزلة القاتل لحرصه على قتل صاحبه في الإثم دون الحكم وله نظائر كثيرة في الثواب والعقاب وقد علم بهذا مستحب القلب ومباحه.
الفصل الحادي والستون
في تدبر النظم في قوله تعالى (غير المغضوب عليهم)
قال ابن القيم في (بدائع الفوائد) (٢/٢٦٢ وما بعدها)
العاشرة: كيف جرت غير صفةً على الموصوف [أي مع كونه معرفة] وهي لا تتعرف بالإضافة وليس المحل محل عطف بيان إذ بابه [أي باب عطف البيان] الإعلام، ولا محل لذلك [أي للإعلام هنا]، إذ المقصود في باب البدل هو الثاني والأول توطئة؛ وفي باب الصفات المقصود الأول والثاني بيان؛ وهذا شأن هذا الموضع فإن المقصود ذكر المنعم عليهم ووصفهم بمغايرتهم معنى الغضب والضلال.
(فيه ثلاثة أوجه:
أحدها أن (غير) هنا بدل لا صفة وبدل النكرة من المعرفة جائز وهذا فاسد من وجوه ثلاثة:
أحدها أن باب البدل المقصود فيه الثاني والأول توطئة له ومهاد أمامه وهو المقصود بالذكر؛ فقوله تعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) [آل عمران ٩٧] المقصود هو أهل الاستطاعة خاصة؛ وذكر الناس قبلهم توطئة وقولك أعجبني زيد علمه إنما وقع الإعجاب على علمه وذكرت صاحبه توطئة لذكره.


الصفحة التالية
Icon