الخامس: قوله تعالى [٧٣/٨-٩] (واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلاً رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا).
السادس: قوله تعالى [٤٣/١٠] (قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه أنيب).
فهذه ستة مواضع يجمع فيها بين الأصلين وهما (إياك نعبد وإياك نستعين).
فالتوكل: حال للقلب ينشأ عن معرفته بالله والإيمان بتفرده بالخلق والتدبير والضر والنفع والعطاء والمنع وأنه ما شاء كان وإن لم يشأ الناس؛ وما لم يشأ لم يكن وإن شاءه الناس، فيوجب له هذا اعتماداً عليه وتفويضاً إليه وطمأنينة به وثقة به ويقيناً بكفايته لما توكل عليه فيه وأنه ملي به ولا يكون إلا بمشيئته شاءه الناس أم أبوه؛ فتشبه حالته حالة الطفل مع أبويه فيما ينويه من رغبة ورهبة هما مليان بهما فانظر في تجرد قلبه عن الالتفات إلى غير أبويه وحبس همه على إنزال ما ينويه بهما فهذه حال المتوكل ومن كان هكذا مع الله فالله كافيه ولا بد قال الله تعالى [٦٥/٣] (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) أي كافيه؛ والحسب: الكافي، والكفاية تكون بحسب العبودية قال تعالى (أليس الله بكاف عبده).
الفصل الرابع
في بيان اشتقاق الصراط
قال ابن القيم في (بدائع الفوائد) (٢/٢٥٤-٢٥٥) في الإجابة على سؤال هذا لفظه (ما معنى الصراط ومن أي شيء اشتقاقه ولم جاء على وزن فعال ولم ذكر في أكثر المواضع في القرآن الكريم بهذا اللفظ، وفي سورة (الأحقاف) ذكر بلفظ الطريق فقال: (يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم) [الأحقاف ٣٠])؟
(المشهور [أي في اشتقاق الصراط] أنه من صرطت الشيء أصرطه إذا بلعته بلعاً سهلاً فسمي الطريق صراطاً لأنه يسترط المارة فيه.
والصراط ما جمع خمسة أوصاف: أن يكون طريقاً مستقيماً سهلاً مسلوكاً واسعاً موصلاً إلى المقصود.
فلا تسمي العرب الطريق المعوج صراطاً ولا الصعب المشتق ولا المسدود غير الموصول؛ ومن تأمل موارد الصراط في لسانهم واستعمالهم تبين له ذلك قال جرير:


الصفحة التالية
Icon