ومن ههنا قال من قال من النحاة : إن (إيّا) اسم ظاهر مضاف إلى الضمير المتصل ولم يرد عليه برد شاف(١).
وبني (إياك نعبد) على أربع قواعد التحقق بما يحبه الله ورسوله ويرضاه من قول اللسان والقلب وعمل القلب الجوارح.
فالعبودية اسم جامع لهذه المراتب الأربع فأصحاب إياك نعبد حقا هم أصحابها فقول القلب هو اعتقاد ما أخبر الله سبحانه به عن نفسه وعن أسمائه وصفاته وأفعاله وملائكته ولقائه على لسان رسله
وقول اللسان الإخبار عنه بذلك والدعوة إليه والذب عنه وتبيين بطلان البدع المخالفة له والقيام بذكره وتبليغ أوامره؛ وعمل القلب كالمحبة له والتوكل عليه والإنابة إليه والخوف منه والرجاء له وإخلاص الدين له والصبر على أوامره وعن نواهيه وعلى أقداره والرضا به وعنه والموالاة فيه والمعاداة فيه والذل له والخضوع والإخبات إليه والطمأنينة به وغير ذلك من أعمال القلوب التي فرضها أفرض من أعمال الجوارح ومستحبها أحب إلى الله من مستحبها وعمل الجوارح بدونها إما عديم المنفعة أو قليل المنفعة.
وأعمال الجوارح كالصلاة والجهاد ونقل الأقدام إلى الجمعة والجماعات ومساعدة العاجز والإحسان إلى الخلق ونحو ذلك.
فـ(إياك نعبد) التزام لأحكام هذه الأربعة وإقرار بها و (إياك نستعين) طلب للإعانة عليها والتوفيق لها و (اهدنا الصراط المستقيم) متضمن للتعريف بالأمرين على التفصيل وإلهام القيام بهما وسلوك طريق السالكين إلى الله بها.

(١) قال ابن القيم عقب ما تقدم: (ولولا أنا في شأن وراء هذا لأشبعنا الكلام في هذه المسألة وذكرنا مذاهب النحاة فيها ونصرنا الراجح ولعلنا أن نعطف على ذلك بعون الله).


الصفحة التالية
Icon