السابع: وهو أحسنها أنه تقدم ذكر المنعم عليهم والغضب ضد الإنعام والسورة هي السبع المثاني التي يذكر فيها الشيء ومقابله فذكر المغضوب عليهم مع المنعم عليهم فيه من الإزدواج والمقابلة ما ليس في تقديم الضالين فقولك الناس منعم عليه ومغضوب عليه فكن من المنعم عليهم أحسن من قولك منعم عليه وضال فصل اسم المفعول في المغضوب واسم الفاعل في الضال.
الفصل العاشر
في بيان نوع الهداية المسؤولة
قال ابن القيم في (بدائع الفوائد ٢/٢٧٢): في بيان نوع الهداية المسؤولة في الفاتحة: (اعلم أن أنواع الهداية أربعة:
أحدها الهداية العامة المشتركة بين الخلق المذكورة في قوله تعالى (الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) [طه ٥٠] أي أعطى كل شيء صورته التي لا يشتبه فيها بغيره وأعطى كل عضو شكله وهيئته وأعطى كل موجود خلقه المختص به ثم هداه إلى ما خلقه له من الأعمال----.
النوع الثاني: هداية البيان والدلالة والتعريف لنجدي الخير والشر وطريقي النجاة والهلاك وهذه الهداية لا تستلزم الهدى التام فإنها سبب وشرط لا موجب ولهذا ينبغي الهدى معها كقوله تعالى (وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى) [فصلت ١٧] أي بينا لهم وأرشدناهم ودللناهم فلم يهتدوا ومنها قوله (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) [الشورى ٥٢].
النوع الثالث: هداية التوفيق والإلهام وهي الهداية المستلزمة للإهتداء فلا يتخلف عنها وهي المذكورة في قوله (يضل من يشاء ويهدي من يشاء) [فاطر ٨] وفي قوله (إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل) [النحل ٣٧] وفي قول النبي ﷺ (من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له)(١) وفي قوله تعالى (إنك لا تهدي من أحببت) [القصص ٥٦] فنفى عنه هذه الهداية وأثبت له هداية الدعوة والبيان في قوله (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم).

(١) رواه مسلم وأحمد والبيهقي.


الصفحة التالية
Icon