النوع الرابع: غاية هذه الهداية وهي الهداية إلى الجنة والنار إذا سيق أهلهما إليهما قال تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم) [يونس ٩] وقال أهل الجنة فيها: (الحمد لله الذي هدانا لهذا) [الأعراف ٤٣] وقال تعالى عن أهل النار: (احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم) [الصافات ٢٢-٢٣].
إذا عرف هذا فالهداية المسئولة في قوله ([اهدنا] الصراط المستقيم) إنما تتناول المرتبة الثانية والثالثة خاصة؛ فهي طلب التعريف والبيان والإرشاد والتوفيق والإلهام. [طلب التعريف والبيان والتوفيق] [كذا؟؟!!].
الضلال سلوك سبيل غير القصد، ضل عن الطريق: سلك غير جادتها؛ والضلال: الهلاك والحيرة والغفلة.
الفصل الحادي عشر
في بيان حقيقة الصراط المستقيم
قال ابن القيم في (بدائع الفوائد ٢/٢٧٦) مجيباً على سؤال نصه: (ما حقيقة الصراط المستقيم الذي يتصوره العبد وقت سؤاله)؟
(نذكر فيه قولاً وجيزاً فإن الناس قد تنوعت عباراتهم فيه وترجمتهم عنه بحسب صفاته ومتعلقاته وحقيقته شيء واحد وهو طريق الله الذي نصبه لعباده على ألسن رسله وجعله موصلا لعباده إليه ولا طريق لهم إليه سواه بل الطرق كلها مسدودة إلا هذا وهو إفراده بالعبودية وإفراد رسوله بالطاعة فلا يشرك به أحداً في عبوديته ولا يشرك برسوله أحداً في طاعته فيجرد التوحيد ويجرد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وهذا معنى قول بعض العارفين إن السعادة والفلاح كله مجموع في شيئين صدق محبته وحسن معاملته وهذا كله مضمون شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فأي شيء فسر به الصراط فهو داخل في هذين الأصلين ونكتة ذلك وعقده أن تحبه بقلبك كله وترضيه بجهدك كله فلا يكون في قلبك موضع إلا معمور بحبه ولا تكون لك إرادة إلا متعلقة بمرضاته الأول يحصل بالتحقيق بشهادة أن لا إله إلا الله.