والثاني يحصل بالتحقيق بشهادة أن محمداً رسول الله وهذا هو الهادي ودين الحق وهو معرفة الحق والعمل له وهو معرفة ما بعث الله به رسله والقيام به فقل ما شئت من العبارات التي هذا أحسنها وقطب رحاها وهي معنى قول من قال: علوم وأعمال ظاهرة وباطنة مستفادة من مشكاة النبوة؛ ومعنى قول من قال: متابعة رسول الله ظاهراً وباطناً علماً وعملاً؛ ومعنى قول من قال: الإقرار لله بالوحدانية والاستقامة على أمره.
وأما ما عدا هذا من الأقوال كقول من قال: الصلوات الخمس؛ وقول من قال: حب أبي بكر وعمر؛ وقول من قال: هو أركان الإسلام الخمس التي بني عليها، فكل هذه الأقوال تمثيل وتنويع لا تفسير مطابق له بل هي جزء من أجزائه وحقيقته الجامعة ما تقدم؛ والله أعلم.
الفصل الثاني عشر
في بيان خصائص الصراط المستقيم والفرق بينه وبين الطريق
لا تكون الطريق صراطاً حتى تتضمن خمسة أمور الاستقامة والإيصال إلى المقصود والقرب وسعته للمارين عليه وتعينه طريقا للمقصود.
ولا يخفى تضمن الصراط المستقيم لهذه الأمور الخمسة فوصفه بالاستقامة يتضمن قربه لأن الخط المستقيم هو أقرب خط فاصل بين نقطتين وكلما تعوج طال وبعد واستقامته تتضمن إيصاله إلى المقصود ونصبه لجميع من يمر عليه يستلزم سعته وإضافته إلى المنعم عليهم ووصفه بمخالفة صراط أهل الغضب والضلال يستلزم تعينه طريقاً.
فالصراط المستقيم هو الأسرع وهو الذي ليس فيه شيء من باطل ولا اعوجاج.
الفصل الرابع عشر
في بيان بعض الحكمة في إضافة الصراط
الصراط تارة يضاف إلى الله إذ هو الذي شرعه ونصبه كقوله تعالى [٦/١٥٣] (وأن هذا صراطي مستقيماً؛ وقوله [٤٢/١٥٣] (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله).
وتارة يضاف إلى العباد كما في الفاتحة لكونهم أهل سلوكه وهو المنسوب لهم وهم المارون عليه.
الفصل الخامس عشر
في بيان معنىتفسير الصراط المستقيم بعد إبهامه(١)

(١) التفسير لا ينافي الإجمال، ولكن الذي ينافيه التفصيل.


الصفحة التالية
Icon