(صراط الذين----): بدل عن الصراط المستقيم إذ فيه بعض إبهام فاستقامته قد لا تدرك بالعقل.
وبين ابن القيم رحمه الله فائدة البدل في الدعاء مع أن الداعي مخاطب لمن لا يحتاج إلى البيان والبدل القصد به بيان الاسم الأول فقال في بدائع الفوائد (٢/٢٥٠ وما بعدها):
(لقد وردت الآية في معرض التعليم للعباد، والدعاء حق الداعي أن يستشعر عند دعائها ما يجب عليه اعتقاده مما لا يتم الإيمان إلا به إذ الدعاء مخ العبادة والمخ لا يكون إلا في عظم والعظم في لحم ودم فإذا وجب إحضار معتقدات الإيمان عند الدعاء وجب أن يكون الطلب ممزوجاً بالثناء؛ فمن ثم جاء لفظ الطلب للهداية والرغبة فيها مشوبا بالخبر تصريحاً من الداعي بمعتقده وتوسلاً منه بذلك الاعتقاد الصحيح إلى ربه فكأنه متوسل إليه بإيمانه واعتقاده أن صراط الحق هو الصراط المستقيم وأنه صراط الذين اختصهم بنعمته وحباهم بكرامته؛ فإذا قال: (اهدنا الصراط المستقيم) والمخالفون للحق يزعمون أنهم على الصراط المستقيم أيضاً والداعي يجب عليه اعتقاد خلافهم وإظهار الحق الذي في نفسه فلذلك أبدل وبين لهم ليمرن اللسان على ما اعتقده الجنان ففي ضمن هذا الدعاء المهم الإخبار بفائدتين جليلتين:
إحداهما: فائدة الخبر.
والفائدة الثانية: فائدة لازم الخبر.
فأما فائدة الخبر فهي الإخبار عنه بالاستقامة وأنه الصراط المستقيم الذي نصبه لأهل نعمته وكرامته.
وأما فائدة لازم الخبر فإقرار الداعي بذلك وتصديقه وتوسله بهذا الإقرار إلى ربه.
فهذه أربع فوائد: