إنه ليس في ظلمات هذه الحياة الكثيفة الحالكة منارة نور، إلا (نور الله) الذي أضاء به السماوات والأرض؛ (الله نور السماوات والأرض) [النور ٣٥].
لقد كان تعبير القرآن لأجل ذلك عن النور بالفرد، وعن الظلمات بالجمع، فمن لم يحظ بهذا النور فلا نور له، (ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور) [النور ٤٠]). انتهى كلامه وقد قال في هامشه ما نصه: (والنور ليست من الكلمات التي لا تجمع فهو يجمع على أنوار، كما توجد هناك ألفاظ أخرى بمعناه، ولا يصح القول بأن جمعه غير بليغ، فإذاً يبقى بعد استعمال القرآن إياه من شك في بلاغته؟ ولكن القرآن يهدف بإفراد النور وجمع الظلمات إلى حقيقة أخرى مهمة، ويلفت إليها الانتباه لعلهم يتفكرون).
الفصل الثامن عشر
في بيان أوجه تكرار ذكر الصراط
جرى ذكر الصراط المسؤول مرتين بخلاف غيره؛ وهذا كحديث النيات؛ والبدل على الصحيح على نية تكرار العامل؛ فكأنهم كرروا طلب الهداية مرتين.
الفصل العشرون
تعريف الصراط باللام وعدم تنكيره
ذكر الصراط المستقيم مفرداً معرفاً تعريفين تعريفاً باللام وتعريفاُ بالإضافة؛ وذلك يفيد تعينه واختصاصه وأنه صراط واحد.
وذكر ابن القيم مسألتين:
إحداهما: ما فائدة البدل في الدعاء والداعي مخاطب لمن لا يحتاج إلى البيان والبدل القصد به بيان الاسم الأول؟
الثانية: ما فائدة تعريف الصراط المستقيم باللام وهلا أخبر عنه بمجرد اللفظ دونها كما قال: (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) [الشورى ٥٢].
فقال في (بدائع الفوائد) (٢/٢٥١-٢٥٤):


الصفحة التالية
Icon