الثالث : ما لم يقره الإسلام، ولم ينكره، فيجب التوقف فيه، لما رواه البخاري (٣) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله ﷺ : لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا: ( آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ)(العنكبوت: الآية ٤٦) الآية، ولكن التحدث بهذا النوع جائز، إذا لم يخش محذور ؛ لقول النبي ﷺ :" بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده م النار " رواه البخاري (٤).
وغالب ما يروى عنهم من ذلك ليس بذي فائدة في الدين كتعيين لون كلب أصحاب الكهف ونحوه.
وأما سؤال أهل الكتاب عن شئ من أمور الدين، فإنه حرام لما رواه الإمام أحمد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ :" لا تسألوا أهل الكتاب عن شئ ؛ فإنهم لن يهدوكم، وقد ضلوا، فإنكم إما أن تصدقوا بباطل، أو تكذبوا بحق، وإنه لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني " (٥).
وروى البخاري (٦) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال : يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب عن شئ، وكتابكم الذي أنزل الله على نبيكم ﷺ أحدث الأخبار بالله محضا، لم يشب، وقد حدثكم أن أهل الكتاب قد بدلوا من كتاب الله، وغيروا، فكتبوا بأيدهم، قالوا : هو من عند الله ؛ ليشتروا بذلك ثمنا قليلا أو لا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم ؟ فلا والله رأينا رجلا منهم يسألكم عن الذي أنزل إليكم.
موقف العلماء من الإسرائيليات
اختلفت موافق العلماء، ولا سيما المفسرون من هذه الإسرائيليات على ثلاثة أنحاء :
أ- فمنهم من أكثر منها مقرونة بأسانيدها، ورأي أنه بذكر أسانيدها خرج من عهدتها، مثل ابن جرير الطبري.