يعني لابد أن يقع، ولكن هل هذا التأكيد بالنسبة لعذاب المؤمنين أو لعذاب الكافرين؟ لننظر قال الله تعالى: ﴿سأل سآئل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج﴾. فضم هذه الآية إلى الآية التي في الطور تجد أن قوله: ﴿إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع﴾. على الكافرين، فعذاب الله على الكافرين ليس له دافع، لا أحد يدفعه، لا قبل وقوعه ولا بعد وقوعه، ولهذا لا تنفعهم الشفاعة فيرفع عنهم العذاب، أما عذاب الله للمؤمن المذنب فإن الأصل أنه واقع، كل ذنب توعد الله عليه بالعذاب فالأصل أنه واقع، لكنه مع ذلك قد يرفع بفضل من الله - عز وجل - وقد يرفع بالشفاعة، وقد يرفع بأعمال صالحة تغمر الأعمال السيئة، أما ترى أن الله يقول: ﴿إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ﴾. ألم تعلم أن النبي ﷺ قال: «ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفَّعهم الله فيه» () فيرتفع عنه العذاب. وعلى هذا نقول: عذاب الله واقع على الكافرين لا محالة، ولا دافع له، أما على عصاة المؤمنين فإن الأصل الوقوع، وقد أنذر الله العباد وخوَّفهم، وبيَّن لهم، لكن مع ذلك قد يرتفع بأسباب متعددة، ﴿إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع﴾، (ما) نافية، و(دافع) مبتدأ مؤخر، دخلت عليها (من) الزائدة للتوكيد، يعني ما من أحد ولو عظمت منزلته وقوته يدفع أو يرفع عذاب الله - عز وجل - لأن (دافع) هنا تشمل المنع قبل الوقوع، والرفع بعد الوقوع، لا أحد يدفع عذاب الله ولا يمنعه عن أن ينزل ولا يرفعه إذا نزل، وإنما ذلك إلى الله وحده، نسأل الله تعالى أن يعاملنا بعفوه، وأن يغفر لنا ما سلف من ذنوبنا وما حضر، إنه على كل شيء قدير.
﴿يوم تمور السماء موراً وتسير الجبال سيراً فويل يومئذ للمكذبين﴾ هذه الآية: ﴿يوم تمور السماء موراً ﴾ متعلقة بقوله: ﴿إن عذاب ربك لواقع ﴾ يعني أن العذاب يقع في ذلك اليوم، قوله: {يوم تمور