أبداً أن نحمل القرآن معاني لا يدل عليها من أجل أن نؤيد نظرية أو أمراً واقعاً، لكنه لا يدل عليه اللفظ، لأن هذا أمر خطير جداً.
قال الله تعالى: ﴿فويل يومئذ للمكذبين ﴾ ويل كلمة وعيد وتهديد، وإن كان قد روي أنها واد في جهنم ()، لكن الصواب أنها كلمة تهديد ووعيد، ﴿فويل يومئذ للمكذبين ﴾ أي: المكذبين لله ورسوله، الجاحدين لما قامت الأدلة على ثبوته فإنهم سيجدون في ذلك اليوم من العذاب والنكال ما لا يخطر لهم على بال ﴿الذين هم في خوض يلعبون ﴾ أي في الدنيا ﴿في خوض ﴾ أي: في كلام باطل ﴿يلعبون ﴾ أي: لا يقولون الجد ولا يعملون بالجد، وإنما أعمالهم كلها لعب ولهو، ولذلك تجد أعمارهم ليس فيها بركة، تمر بهم الليالي والأيام لا يستفيدون شيئاً ﴿يوم يدعون إلى نار جهنم دعا ﴾ هذه متعلقة بما سبق أيضاً، ويُدَعُّون بمعنى يدفعون بعنف وشدة إلى نار جهنم دعًّا؛ لأنهم - والعياذ بالله - تمثل لهم النار كأنها سراب، أي كأنها حوض نهر، وهم على أشد ما يكونوا من العطش، فيذهبون إليها سراعاً، يريدون أن يشربوا منها حتى يزول عنهم العطش، فإذا بلغوها وإذا هي النار - والعياذ بالله - فكأنهم - والله أعلم - يتوقفون لئلا يتساقطوا فيها، فيدعُّون إليها دعًّا، أي يُدفعون بعنف وشدة فيتساقطون فيها - أجارنا الله من ذلك ويقال لهم: ﴿هذه النار التى كنتم بها تكذبون ﴾ كانوا في الدنيا يقولون: لا بعث ولا جزاء، ولا عقوبة ولا نار، وإنما هي أرحام تدفع وأرض تبلع ولا بعث، فيقال لهم توبيخاً على هذا الإنكار: ﴿هذه النار التى كنتم بها تكذبون ﴾ فما أشد حسرتهم إذا وُبِّخوا على أمر كان في إمكانهم أن يتخلوا عنه، ولكنهم الآن لا يستطيعون لذلك سبيلاً، يقولون إذا وقفوا على النار: ﴿ياليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين ﴾. قال الله تعالى: ﴿بل بدالهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ﴾. أي: حتى لو ردوا إلى الدنيا


الصفحة التالية
Icon