عادوا وكذبوا، فلن يستقيموا على أمر الله، لكن يقولون هذا تمنياً. ﴿أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون ﴾ يعني أفهذا الذي ترون اليوم سحر كما كنتم تقولون ذلك في الدنيا، حيث يقولون: إن ما جاءت به الرسل سحر، ويصفون الرسول بأنه ساحر، فيقال: أسحر هذا أم أنتم لا تبصرون، يعني لا تبصرون بعين البصيرة، بل أنتم عمي عن الحق - والعياذ بالله - ﴿اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون ﴾ أي: احترقوا بها، والأمر هنا للإهانة، كقوله تعالى: ﴿ذق إنك أنت العزيز الكريم إن هذا ما كنتم به تمترون﴾. فانظر إلى هؤلاء كيف تتهكم بهم الملائكة وتذلهم وتخزيهم - والعياذ بالله - وتهينهم، ﴿اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم ﴾ يعني أن الصبر وعدمه سواء عليكم، ومعنى هذا أنه لن يفرج عنكم، سواء صبرتم أم لم تصبروا، مع أنه في الدنيا إذا أصيب الإنسان بشيء وصبر فإنه يفرج عنه، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً» (). ﴿إنما تجزون ما كنتم تعملون ﴾ يعني ما تجزون إلا ما عملتم فلم تُظلموا شيئاً، ثم ذكر الله تعالى جزاء المؤمنين فقال: ﴿إن المتقين في جنات ونعيم ﴾ هذه الجملة خبرية مؤكدة بإن، والتوكيد أسلوب من أساليب اللغة العربية، مستعمل عند العرب، وهذا القرآن نزل بلغة العرب، وإلا ففي الواقع أن خبر الله - عز وجل - لا يحتاج إلى توكيد؛ لأنه أصدق القول، فالرب - عز وجل - إذا أخبر بخبر فإنه لا يحتاج إلى أن يؤكد، لأن خبر الله صدق، لكن لما كان القرآن العظيم نزل بلسان عربي صار جارياً على ما كان يعرفه العرب في لغتهم، فهنا أكد الله - عز وجل - هذه الجملة: ﴿إن المتقين في جنات ونعيم ﴾ والمتقون هم الذين قاموا بطاعة الله امتثالاً لأمره واجتناباً لنهيه، هذه هي التقوى، فالتقوى طاعة الله في امتثال أمره واجتناب نهيه، فالذي يصلي امتثالاً لأمر الله نقول: هو متق،