تعالى على لسانه. الثالث: أن ينطق باجتهاد لا يريد به إلا المصلحة، أما نحن فننطق عما نريد به المصلحة، وننطق عن الهوى، وليس كل إنسان منا سالم من الهوى، يميل مع صاحبه، ويميل مع قريبه، ويميل مع الغني، ويميل مع الفقير، لكن النبي ﷺ لا يمكن أن يتكلم عن هوى، وإذا كان لايمكن أن ينطق عن الهوى صار لا ينطق إلا بحق ﴿إن هو إلا وحى يوحى ﴾ يعني ما القرآن ﴿إلا وحى يوحى ﴾، أي: وحي من الله - عز وجل - والواسطة بين الله وبين الرسول ﴿علمه شديد القوى ﴾ يعني علم النبي ﷺ هذا الوحي شديد القوى، أي: ذو القوة الشديدة، فهو من إضافة الصفة إلى موصوفها، وهو جبريل عليه السلام، كما قال الله تعالى: ﴿إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين﴾ فجبريل عليه السلام قوي شديد أمين كريم، لا يمكن أبداً أن يفرط بهذا الوحي الذي نقله إلى محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كما قال تعالى: ﴿نزل به الروح الأَمين على قلبك لتكون من المنذرين ﴾. ﴿ذو مرة فاستوى ﴾ المرة: الهيئة الحسنة، فهو ذو قوة، وذو جمال وحسن، وقد رآه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على صورته التي خُلق عليها له ستمائة جناح قد سد الأفق ()، فهو الذي نزل بهذا القرآن، حتى ألقاه على رسول الله ﷺ كما قال تعالى: ﴿نزل به الروح الأَمين على قلبك لتكون من المنذرين﴾. وقوله: ﴿فاستوى ﴾ أي فعلى، أو فكمل؛ لأن الاستواء في اللغة العربية تارة يذكر مطلقاً دون أن يقيد، فيكون معناه الكمال، ومنه قوله تعالى: ﴿ولما بلغ أشده آتيناه حكمًا وعلمًا ﴾ أي: كمل، وتارة يقيد بعلى فيكون معناه العلو، كما في قوله تعالى: ﴿وجعل لكم من الفلك والأَنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه﴾ فقال: ﴿لتستووا على ظهوره ﴾، وقال: ﴿إذا استويتم عليه﴾ أي: علوتم عليه، ومنه قوله تعالى فيما وصف به نفسه: ﴿الرحمن على العرش استوى ﴾ أي: