عز وجل -: ﴿ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مدكر ﴾ يسر الله - عز وجل - القرآن للذكر لحفظه ولفهم معناه، وهذا الخبر يراد به الحث على حفظ القرآن وعلى تدبر معناه؛ لأنه ميسر سهل، وأنت جرب تدبَّر في آيات الله - عز وجل - لتفهم معناها، وانظر كيف ييسر الله - عز وجل - لك فهمها حتى تفهم منها ما لا يفهمه كثير من الناس، ولهذا قال ﴿فهل من مدكر ﴾؟ والاستفهام هنا للتشويق، والمعنى هل أحد يدكر ويتعظ بما في القرآن الكريم.
﴿ولقد جاء ءال فرعون النذر كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر﴾ الجملة مؤكدة بالقسم المقدر واللام وقد، ﴿ولقد جاء ءال فرعون النذر ﴾ يعني قومه وعلى رأسهم فرعون، كما أخبر الله تعالى في آيات أخرى متعددة أنه أرسل موسى إلى فرعون وملئه، والنذر قيل: بمعنى الإنذار والتخويف. وقيل: إنه جمع نذير وهو كل ما ينذر به العبد، والمراد به الآيات التي جاء بها موسى، كما قال الله تعالى: ﴿ولقد ءاتينا موسى تسع ءايات بينات﴾ وهذا الأخير هو الصحيح أن النذر جمع نذير، وليست بمعنى الإنذار، ويدل لهذا قوله ﴿كذبوا بآياتنا كلها﴾ أي: كل الآيات الدالة على صدق رسالة موسى صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كذبوا بها وقالوا: إن موسى مجنون، وإنه ساحر، حتى إن فرعون من كبريائه قال: ﴿إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون ﴾، ولما كذبوا بالآيات أخذهم الله ﴿أخذ عزيز﴾ أي: غالب، ﴿مقتدر﴾ أي: قادر، ولكنها أبلغ من كلمة (قادر) لما فيها من زيادة الحروف، وإنما ذكر الله تعالى أنه أخذهم ﴿أخذ عزيز مقتدر﴾ لأن فرعون كان متكبراً، وكان يقول: ﴿أنا ربكم الأَعلى ﴾، وكان يسخر من موسى ومن أرسله، فناسب أن يذكر الله تعالى أخذه أخذ عزيز مقتدر، وقد أجمل الله تعالى هذه القصة في هذه الآية، ولكنه بينها في آيات كثيرة، وأن أخذهم كان بإغراقهم في البحر، فأغرقه الله - عز وجل - بمثل ما كان يفتخر به، لأنه كان يقول لقومه: يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار


الصفحة التالية
Icon