وهذا كالتحدي لهم، لأنه لن يستطيع أحد أن يأتي بمثل هذه النعم، ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿يسأله من في السماوات والأَرض كل يوم هو في شأن ﴾ أي: يسأل الله من في السماوات والأرض، والذي في السماوات هم الملائكة يسألون الله - عز وجل - ومن سؤالهم أنهم ﴿ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمةً وعلماً فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ﴾ إلى آخره، ويسأله من في الأرض من الخلائق، وسؤال أهل الأرض لله - عز وجل - قسمان: الأول: السؤال بلسان المقال، وهذا إنما يكون من المؤمنين، فالمؤمن يسأل ربه دائماً حاجاته، لأنه يعلم أنه لا يقضيها إلا الله - عز وجل - وسؤال المؤمن ربه عبادة، سواء حصل مقصوده أم لم يحصل، فإذا قلت: يا رب أعطني كذا. فهذه عبادة، كما جاء في الحديث: «الدعاء عبادة () ». وقال تعالى ﴿وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ﴾ فقال ﴿ادعوني﴾ ثم قال: ﴿إن الذين يستكبرون عن عبادتي﴾ وهذا دليل على أن الدعاء عبادة، النوع الثاني: دعاء بلسان الحال، وهو أن كل مخلوق مفتقر إلى الله ينظر إلى رحمته، فالكفار مثلاً ينظرون إلى الغيث النازل من السماء، وإلى نبات الأرض، وإلى صحة الحيوان، وإلى كثرة الأرزاق وهم يعلمون إنهم لا يستطيعون أن يجدوا ذلك بأنفسهم، فهم إذن يسألون الله بلسان الحال، ولذلك إذا مستهم ضراء اضطروا إلى سؤال الله بلسان المقال ﴿وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين﴾. ﴿كل يوم هو في شأن ﴾ من يحصي الأيام؟ لا أحد إلا الله - عز وجل - ومن يحصي الشهور؟ لا أحد إلا الله - عز وجل - ﴿كل يوم هو في شأن ﴾، يغني فقيراً، ويفقر غنيًّا، ويمرض صحيحاً، ويشفي سقيماً، ويؤمّن خائفاً ويخوف آمناً، وهلم جرا، كل يوم يفعل الله تعالى ذلك، هذه الشئون التي تتبدل عن حكمة ولا شك، قال الله تعالى: ﴿أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون ﴾ وقال تعالى: {أيحسب