الثاني من المخاطب، فالبيان من المتكلم يعني التعبير عما في قلبه، ويكون باللسان نطقاً، ويكون بالبنان كتابة، فعندما يكون في قلبك شيء تريد أن تخبر به، تارة تخبر به بالنطق، وتارة بالكتابة، كلاهما داخل في قوله ﴿علمه البيان ﴾، وأيضاً ﴿علمه البيان ﴾ كيف يستبين الشيء وذلك بالنسبة للمخاطب يعلم ويعرف وما يقول صاحبه، ولو شاء الله تعالى لأسمع المخاطب الصوت دون أن يفهم المعنى فالبيان سواء من المتكلم، أو من المخاطب كلاهما منة من الله - عز وجل - فهذه ثلاث نعم: ﴿علم القرءان خلق الإنسان علمه البيان﴾.
﴿الشمس والقمر بحسبان﴾ لما تكلم عن العالم السفلي بين العالم العلوي فقال: ﴿الشمس والقمر بحسبان﴾أي: بحساب دقيق معلوم متقن منتظم أشد الانتظام، يجريان كما أمرهما الله - عز وجل - ولم تتغير الشمس والقمر منذ خلقهما الله عز وجل إلى أن يفنيهما يسيران على خط واحد، كما أمرهما الله، وهذا دليل على كمال قدرة الله تعالى، وكمال سلطانه، وكمال علمه أن تكون هذه الأجرام العظيمة تسير سيراً منظماً، لا تتغير على مدى السنين الطوال، ﴿والنجم والشجر يسجدان ﴾ النجم اسم جنس، والمراد به النجوم تسجد لله - عز وجل - فهذه النجوم العليا التي نشاهدها في السماء تسجد لله - عز وجل - سجوداً حقيقياً، لكننا لا نعلم كيفيته، لأن هذا من الأمور التي لا تدركها العقول، والشجر يسجد لله عز وجل سجوداً حقيقياً، لكن لا ندري كيف ذلك، والله على كل شيء قدير، وانظر إلى الأشجار إذا طلعت الشمس تتجه أوراقها إلى الشمس تشاهدها بعينك، وكلما ارتفعت، ارتفعت الأشجار، وإذا مالت للغروب مالت، لكن هذا ليس هو السجود، إنما السجود حقيقة لا يُعلم، كما قال - عز وجل -: ﴿تسبح له السماوات السبع والأَرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليمًا غفورًا ﴾ فالنجوم كلها تسجد لله، والأشجار كلها تسجد لله - عز وجل - قال الله تعالى: {ألم تر أن الله